اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمُ ٱسۡتَحَبُّواْ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا عَلَى ٱلۡأٓخِرَةِ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (107)

قوله : { ذلك بِأَنَّهُمُ } ، مبتدأ وخبره ؛ كما تقدم ، والإشارة ب : " ذلك " ، إلى ما ذكر من الغضب والعذاب ؛ ولذلك وحَّد ، كقوله : " بين ذلك " و : [ الرجز ]

كَأنَّهُ في الجِلْدِ *** . . . . . . . . . . . . . . {[20086]}

قوله : { استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة } ، أي : ذلك الارتداد ، وذلك الإقدام على الكفر ؛ لأجل أنَّهم رجَّحوا الدنيا على الآخرة ، { وَأَنَّ الله لاَ يَهْدِي القوم الكافرين } ، أي : ذلك الارتداد إنما حصل لأجل أنه - تعالى - ما هداهم إلى الإيمان ، وما عصمهم عن الكفر .

قال القاضي{[20087]} : المراد أن الله تعالى لا يهديهم إلى الجنَّة ، وهذا ضعيف ؛ لأن قوله - تعالى- : { وَأَنَّ الله لاَ يَهْدِي القوم الكافرين } ، معطوف على قوله : { ذلك بِأَنَّهُمُ استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة } ، فوجب أن يكون قوله : { وَأَنَّ الله لاَ يَهْدِي القوم الكافرين } ، علَّة وسبباً موجباً لإقدامهم على ذلك الارتداد ، وعدم الهداية يوم القيامة إلى الجنة ليس سبباً لذلك الارتداد ولا علَّة ، بل كسباً عنه ولا معلولاً له ، فبطل هذا التَّأويل .


[20086]:تقدم.
[20087]:ينظر: الفخر الرازي 20/99.