تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمُ ٱسۡتَحَبُّواْ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا عَلَى ٱلۡأٓخِرَةِ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (107)

الآية : 107 وقوله تعالى : { ذلك بأنهم } ، أي : ذلك الغضب والعذاب ، { بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة } ، يحتمل وجهين :

أحدهما : { استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة } ، جحودا وإنكارا . وإلا نفس الاستحباب قد يكون من المؤمن ، فلا يزول عنه اسم الإيمان كقوله : { يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله } ، إلى قوله : { أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة } ( التوبة : 38 ) ، فلم يزل عنهم اسم الإيمان باختيارهم واستحبابهم الحياة الدنيا . فدل أن الأول على الجحود له والإنكار ، وهذا على الميل إليه دون الجحود .

والثاني {[10538]} : أن يكون كذلك لما لم يروا الآخرة كائنة ، لا محالة ، ظنا ظنوا لعلها كائنة كقولهم : { إن نظن إلا ظنا وما نحن بمستيقنين } ( الجاثية : 32 ) .

وأما أهل الإسلام ، لم يكونوا فيها ظَانِّينَ شاكين ، ولكن متحققين مستيقنين ، فاستحقوا بذلك .

وقوله تعالى : { وأن الله لا يهدي القوم الكافرين } ، وقت اختيارهم الكفر ، وأن الله لا يهدي القوم المختارين الكفر على الإيمان . وقال ذلك لقوم ، علم الله أنهم يختارون الكفر ، وأنهم يموتون على الكفر ، فلا يهديهم .


[10538]:في الأصل وم: أو.