المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{فَٱصۡبِرۡ صَبۡرٗا جَمِيلًا} (5)

5 - فاصبر - يا محمد - على استهزائهم واستعجالهم بالعذاب صبراً لا جزع فيه ولا شكوى منه . إن الكفار يرون يوم القيامة مستحيلاً لا يقع ، ونراه هيناً في قدرتنا غير متعذر علينا .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَٱصۡبِرۡ صَبۡرٗا جَمِيلًا} (5)

{ فاصبر صبراً جميلاً } يا محمد على تكذيبهم وهذا قبل أن يؤمر بالقتال .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَٱصۡبِرۡ صَبۡرٗا جَمِيلًا} (5)

وإذا كان يوم واحد من أيام الله يساوي خمسين ألف سنة ، فإن عذاب يوم القيامة قد يرونه هم بعيدا ، وهو عند الله قريب . ومن ثم يدعو الله نبيه [ صلى الله عليه وسلم ] إلى الصبر الجميل على استعجالهم وتكذيبهم بذلك العذاب القريب .

( فاصبر صبرا جميلا . إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا ) . .

والدعوة إلى الصبر والتوجيه إليه صاحبت كل دعوة ، وتكررت لكل رسول ، ولكل مؤمن يتبع الرسول . وهي ضرورية لثقل العبء ومشقة الطريق ، ولحفظ هذه النفوس متماسكة راضية ، موصولة بالهدف البعيد ، متطلعة كذلك إلى الأفق البعيد . .

والصبر الجميل هو الصبر المطمئن ، الذي لا يصاحبه السخط ولا القلق ولا الشك في صدق الوعد . صبر الواثق من العاقبة ، الراضي بقدر الله ، الشاعر بحكمته من وراء الابتلاء ، الموصول بالله المحتسب كل شيء عنده مما يقع به .

وهذا اللون من الصبر هو الجدير بصاحب الدعوة . فهي دعوة الله ، وهي دعوة إلى الله . ليس له هو منها شيء . وليس له وراءها من غاية . فكل ما يلقاه فيها فهو في سبيل الله ، وكل ما يقع في شأنها هو من أمر الله . فالصبر الجميل إذن ينبعث متناسقا مع هذه الحقيقة ، ومع الشعور بها في أعماق الضمير .

والله صاحب الدعوة التي يقف لها المكذبون ، وصاحب الوعد الذي يستعجلون به ويكذبون ، يقدر الأحداث ويقدر مواقيتها كما يشاء وفق حكمته وتدبيره للكون كله . ولكن البشر لا يعرفون هذا التدبير وذلك التقدير ؛ فيستعجلون . وإذا طال عليهم الأمد يستريبون . وقد يساور القلق أصحاب الدعوة أنفسهم ، وتجول في خاطرهم أمنية ورغبة في استعجال الوعد ووقوع الموعود . . عندئذ يجيء مثل هذا التثبيت وهذا التوجيه من الله الخبير :

( فاصبر صبرا جميلا ) . .

والخطاب هنا للرسول [ صلى الله عليه وسلم ] تثبيتا لقلبه على ما يلقى من عنت المناوأة والتكذيب . وتقريرا للحقيقة الأخرى : وهي أن تقدير الله للأمور غير تقدير البشر ؛ ومقاييسه المطلقة غير مقاييسهم الصغيرة :

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَٱصۡبِرۡ صَبۡرٗا جَمِيلًا} (5)

وقوله : { فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلا } أي : اصبر يا محمد على تكذيب قومك لك ، واستعجالهم العذاب استبعادًا لوقوعه ، كقوله : { يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ } [ الشورى : 18 ]

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَٱصۡبِرۡ صَبۡرٗا جَمِيلًا} (5)

وقوله فاصْبِرْ صَبْرا جمِيلاً يقول تعالى ذكره : فاصبر صبرا جميلاً ، يعني : صبرا لا جزع فيه . يقول له : اصبر على أذى هؤلاء المشركين لك ، ولا يثنيك ما تلقى منهم من المكروه عن تبليغ ما أمرك ربك أن تبلغهم من الرسالة . وكان ابن زيد يقول في ذلك ما :

حدثني به يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : فاصْبِرْ صَبْرا جَمِيلاً قال : هذا حين كان يأمره بالعفو عنهم لا يكافئهم ، فلما أمر بالجهاد والغلظة عليهم أمر بالشدّة والقتل حتى يتركوا ، ونسخ هذا .

وهذا الذي قاله ابن زيد أنه كان أمر بالعفو بهذه الاَية ، ثم نسخ ذلك قول لا وجه له ، لأنه لا دلالة على صحة ما قال من بعض الأوجه التي تصحّ منها الدعاوي ، وليس في أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم في الصبر الجميل على أذى المشركين ما يوجب أن يكون ذلك أمرا منه له به في بعض الأحوال ، بل كان ذلك أمرا من الله له به في كلّ الأحوال ، لأنه لم يزل صلى الله عليه وسلم من لدن بعثه الله إلى أن اخترمه في أذى منهم ، وهو في كلّ ذلك صابر على ما يلقى منهم من أذًى قبل أن يأذن الله له بحربهم ، وبعد إذنه له بذلك .