وقوله تعالى : { إلا الذين صبروا } الآية هذا الاستثناء متصل على ما قدمناه من أن الإنسان عام يراد به الجنس : ومن قال إنه مخصوص بالكافر قال هاهنا : إن الاستثناء منقطع ، وهو قول ضعيف من جهة المعنى وأما من جهة اللفظ فجيد ، وكذلك قاله من النحاة قوم .
واستثنى الله تعالى من الماشين على سجية الإنسان هؤلاء الذين حملتهم الأديان على الصبر على المكاره ومثابرة عبادة الله : وليس شيء من ذلك في سجية البشر وإنما حمل على ذلك حب الله وخوف الدار الآخرة . و » الصبر «و » العمل الصالح «لا ينفع إلا مع هداية وإيمان ، ثم وعد تعالى أهل هذه الصفة تحريضاً عليها وحضاً ، بالمغفرة للذنوب والتفضل بالأجر والنعيم .
احتراس باستثناء من ( الإنسان ) . والمراد بالّذين صبروا المؤمنون بالله لأنّ الصبر من مقارنات الإيمان فَكنيَ بالذين صبروا عن المؤمنين فإنّ الإيمان يَرُوضُ صاحبَه على مفارقة الهوى ونبذ معتاد الضلالة . قال تعالى : { إلاّ الّذينَ آمَنُوا وَعَملُوا الصّالحَات وَتَوَاصَوْا بالْحَقّ وَتَوَاصَوْا بالصّبْر } [ العصر : 3 ] .
ومنْ معاني الصبر انتظار الفرج ولذلك أوثرَ هنا وصفُ ( صبروا ) دون ( آمنوا ) لأنّ المرادَ مقابلة حالهم بحال الكفّار في قوله : { إنّه ليؤوس كفور } [ هود : 9 ] . ودل الاستثناء على أنّهم متّصفون بضد صفات المستثنى منهم . وفي هذا تحذير من الوقوع فيما يماثل صفات الكافرين على اختلاف مقادير . وقد نسجت الآية على هذا المنوال من الإجمال لتذهب نفوس السامعين من المؤمنين في طرق الحذر من صفتي اليأس وكفران النعمة ، ومن صفتي الفرح والفخر كل مذهب ممكن .
وجملة { أولئك لهم مغفرة وأجْرٌ كبير } مستأنفة ابتدائية . والإتيان باسم الإشارة عقب وصفهم بما دل عليه الاستثناء وبالصبر وعمل الصالحات تنبيهٌ على أنّهم استحقوا ما يذكر بعد اسم الإشارة لأجْل ما ذكر قبله من الأوصاف كقوله : { أولَئكَ عَلَى هُدىً منْ رَبهمْ وأولئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُون } [ البقرة : 5 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.