الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{إِلَّا ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ أُوْلَـٰٓئِكَ لَهُم مَّغۡفِرَةٞ وَأَجۡرٞ كَبِيرٞ} (11)

وقوله : { إِلاَّ الذين صَبَرُوا } [ هود : 11 ] .

استثناء متصلٌ ؛ على ما قدَّمنا مِنْ أَنَّ الإِنسان عامٌ يراد به الجنْسُ ؛ وهو الصواب ، ومَنْ قال : إِنه مخصوصٌ بالكافر قال : هاهنا الاستثناء منقطعٌ ، وهو قول ضعيفٌ من جهة المعنَى ، لا من جهة اللفظ ؛ لأن صفة الكُفْر لا تطلق على جميعِ الناسِ ؛ كما تقتضي لفظةُ الإِنسان ، واستثنى اللَّه تعالى من الماشِينَ على سجيَّة الإِنسان ، هؤلاءِ الذين حملَتْهم الأديان على الصبْرِ على المكارِهِ ، والمثابرةِ على عبادةِ اللَّهِ ، وليس شَيْءٌ من ذلك في سجيَّة البَشَر ، وإِنما حمل على ذلك خَوْفُ اللَّه وحبُّ الدَّارِ الآخرة ، والصبْرُ على العملِ الصالحِ ، لا يَنْفَعُ إِلاَّ مع هداية وإِيمانٍ ، ثم وعد تعالَى أهْلَ هذه الصفة بالمَغْفِرةِ للذُّنُوبِ والتفضُّلِ بالأجرِ والنَّعِيمِ .