تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{إِلَّا ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ أُوْلَـٰٓئِكَ لَهُم مَّغۡفِرَةٞ وَأَجۡرٞ كَبِيرٞ} (11)

ثم استثنى ، فقال : ( إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ) قال بعض أهل التأويل : ( إلا الذين صبروا ) أي آمنوا على ما ذكر في غير واحدة[ في الأصل وم : واحد ] من الآيات [ كقوله ][ ساقطة من الأصل وم ] : ( إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات )[ الشعراء : 227 ] وكقوله[ الواو ساقطة من الأصل وم ] : ( إن الإنسان لفي خسر ) ( إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات )[ العصر : 2و3 ] يكون قوله : ( إلا الذين صبروا ) عن المعاصي ، فلم يرتكبوها ( وعملوا الصالحات ) أي الطاعات ، والإيمان نفسه هو اعتقاد الانتهاء عن المعاصي كلها واتقاء[ في الأصل وم : والاتقاء عن ] جميع ما يدخل نقصا [ في الطاعات ][ في الأصل وم : فيها ] وإتيان الطاعات جميعا .

وهكذا يعتقد كل مؤمن أن يتقي ، وينتقي [ عن ][ ساقطة من الأصل وم ] كل معصية ، ويأتي بكل طاعة ، ويعمل بها . هذا اعتقاد كل مؤمن ، وحقيقة وفاء[ في الأصل وم : الوفاء ] ذلك كله .

وقوله تعالى : ( أُوْلَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ) يشبه أن يكون قوله : ( لهم مغفرة ) لما ارتكبوا من الصغار من الذنوب ، وانتهوا عن الكبائر منها ( وأجر كبير ) على ما أتوا ، وعملوا من الكبائر من الطاعات .

ويحتمل قوله : ( لهم مغفرة ) الستر في الدنيا ؛ ستر عليهم تلك الذنوب في الدنيا ، فلم يطلع عليها الخلق ، ( وأجر كبير ) بما أظهر منهم ما كان من الطاعات والخيرات حتى نظر الناس إليهم بعين التعظيم[ في الأصل وم : عظيم ] بما ظهر منهم من الخيرات ، [ وأخفى عليهم ما ][ في الأصل وم : وخفي عليهم بما ] ارتكبوا من المعاصي . وهذا التأويل يكون في الدنيا ، والأول في الآخرة .