اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{إِلَّا ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ أُوْلَـٰٓئِكَ لَهُم مَّغۡفِرَةٞ وَأَجۡرٞ كَبِيرٞ} (11)

قوله : { إِلاَّ الذين صَبَرُواْ } فيه ثلاثة أوجه :

أحدها : أنَّهُ منصوبٌ على الاستثناء المتَّصل ، إذا المرادُ به جنس الإنسان لا واحدٌ بعينه .

والثاني : أنَّهُ منقطعٌ ، إذ المراد بالإنسان شخصٌ معينٌ ، وهو على هذين الوجهين منصوبُ المحلِّ .

والثالث : أنه مبتدأ ، والخبر الجملة من قوله : { أولئك لَهُمْ مَّغْفِرَةٌ } وهو منقطعٌ أيضاً . والمعنى : أنَّ هؤلاء لا يكُونُون عند البلاء من الصَّابرين وعند الرَّاحةِ والخير من الشَّاكرين .

قال الفراء : هو استثناءٌ منقطع معناه : لكن الذين صبروا وعملوا الصَّالحات ؛ فإنَّهم إن يأتهم شدة صبروا ، وإن نالوا نعمة شكروا .

ثم قال : { أولئك لَهُمْ مَّغْفِرَةٌ } يجوزُ أن يكون " مَغْفِرةٌ " مبتدأ ، و " لهُم " الخبرُ ، والجملة خبر " أولئكَ " ، ويجوز أن يكون " لَهُم " خبر " أولئكَ " و " مَغْفِرَةٌ " فاعلٌ بالاستقرار . فجمع لهم بين شيئين :

أحدهما : زوال العقاب بقوله : " لَهُم مَغْفرةٌ " والثاني : الفوز بالثَّواب بقوله " وأجْرٌ كبيرٌ " .