ف { يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالًا لُبَدًا } أي : كثيًرا ، بعضه فوق بعض .
وسمى الله تعالى الإنفاق في الشهوات والمعاصي إهلاكًا ، لأنه لا ينتفع المنفق بما أنفق ، ولا يعود عليه من إنفاقه إلا الندم والخسار والتعب والقلة ، لا كمن أنفق في مرضاة الله في سبيل الخير ، فإن هذا قد تاجر مع الله ، وربح أضعاف أضعاف ما أنفق .
وقوله : يَقُولُ أهْلَكْتُ مالاً لُبَدا يقول هذا الجليد الشديد : أهلكت مالاً كثيرا ، في عداوة محمد صلى الله عليه وسلم ، فأنفقت ذلك فيه ، وهو كاذب في قوله ذلك وهو فعل من التلبد ، وهو الكثير ، بعضه على بعض ، يقال منه : لَبد بالأرض يَلْبُد : إذا لصق بها . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : مالاً لُبَدا يعني باللبد : المال الكثير .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحرث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مالاً لُبَدا قال : كثيرا .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني مسلم ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : أهْلَكْتُ مالاً لُبَدا . قال : مالاً كثيرا .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : أهْلَكْتُ مالاً لُبَدا : أي كثيرا .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، مثله .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : مالاً لُبَدا قال : اللبد : الكثير .
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء الأمصار : مالاً لُبَدا بتخفيف الباء . وقرأه أبو جعفر بتشديدها . والصواب بتخفيفها ، لإجماع الحجة عليه .
أعقبت مساوي نفسه بمذام أقواله ، وهو التفخر الكاذب والتمدح بإتلاف المال في غير صلاح . وقد كان أهل الجاهلية يتبجحون بإتلاف المال ويعدونه منقبة لإيذانه بقلة اكتراث صاحبه به ، قال عنترة :
وإذَا سَكِرْتُ فإنَّنِي مُسْتَهْلِـــكٌ *** مالي وعِرضي وافرٌ لم يُكْلَمِ
وَإذَا صَحَوْتُ فَما أقَصِّر عن نَدى *** وَكَما عَلِمْتَ شمائلي وتكَرُّمِي
وجملة : { يقول أهلكت مالاً } في موضع الحال من { الإنسان } [ البلد : 4 ] . وذلك من الكبد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.