النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{يَقُولُ أَهۡلَكۡتُ مَالٗا لُّبَدًا} (6)

{ يقولُ أَهْلَكْتُ مالاً لُبَداً } فيه وجهان :

أحدهما : يعني كثيراً .

الثاني : مجتمعاً بعضه على بعض ، ومنه سمي اللّبْد لاجتماعه وتلبيد بعضه على بعض .

ويحتمل ثالثاً : يعني مالاً قديماً ، لاشتقاقه من الأبد ، أو للمبالغة في قدمه من عهد لَبِد{[3269]} ، لأن العرب تضرب المثل في القدم بلبد ، وذكر قدمه{[3270]} لطول بقائه وشدة ضَنِّه به .

وقيل إن هذا القائل أبو الشد الجمحي ، أنفق مالا كثيراً في عداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم والصد عن سبيل الله ، وقيل بل هو{[3271]} النضر بن الحارث .

وهذا القول يحتمل وجهين :

أحدهما : أن يكون استطالة بما أنفق فيكون طغياناً منه .

الثاني : أن يكون أسفاً عليه ، فيكون ندماً منه .


[3269]:لبد: اسم نسر عمر طويلا، يقول النابغة الذبياني: أمست خلاء وأمسي أهلها احتملوا أخنى عليها الذي أخني على بلد
[3270]:الضمير يعود على المال الذي أهلكه.
[3271]:وقيل: الحارث بن عامر بن نوفل، قال مقاتل: إن الحارث أذنب فاستفتى النبي صلى الله عليه وسلم، فأمره أن يكفر، فقال: لقد ذهب مالي في الكفارات والنفقات منذ دخلت في دين محمد.