{ كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ْ } بعد ما أراهم{[398]} الله من الآيات البينات والبراهين النيرات ، ما فيه عبرة لأولي الألباب ، وموعظة للمتقين وهدى للعالمين .
بمثل هذا الانصراف عن الحق الواضح الذي يعترف المشركون بمقدماته وينكرون نتائجه اللازمة ، ولا يقومون بمقتضياته الواجبة ، قدر الله في سننه ونواميسه أن الذين يفسقون وينحرفون عن منطق الفطرة السليم وسنة الخلق الماضية لا يؤمنون :
( كذلك حقت كلمة ربك على الذين فسقوا أنهم لا يؤمنون ) . .
لا لأنه يمنعهم من الإيمان . فهذه دلائله قائمة في الكون ، وهذه مقدماته قائمة في اعتقادهم . ولكن لأنهم هم يحيدون عن طريق الموصل إلى الإيمان ، ويجحدون المقدمات التي في أيديهم ، ويصرفون أنفسهم عن الدلائل المشهودة لهم ، ويعطلون منطق الفطرة القويم فيهم .
القول في تأويل قوله تعالى : { كَذَلِكَ حَقّتْ كَلِمَةُ رَبّكَ عَلَى الّذِينَ فَسَقُوَاْ أَنّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } .
يقول تعالى ذكره : كما قد صرف هؤلاء المشركون عن الحقّ إلى الضلال ، كَذلكَ حَقّتْ كَلِمَةُ رَبّكَ يقول : وجب عليهم قضاؤه وحكمه في السابق من علمه ، على الّذِينَ فَسَقُوا فخرجوا من طاعة ربهم إلى معصيته وكفروا به أنّهُمْ لا يُؤْمِنُونَ يقول : لا يصدقون بوحدانية الله ولا بنبوّة نبيه صلى الله عليه وسلم .
ثم قال : { كذلك حقت } أي كما كانت صفات الله كما وصف وعبادته واجبة كما تقرر وانصراف هؤلاء كما قدر عليهم وتكسبوا { كذلك حقت } ، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم ، وحمزة والكسائي هنا وفي آخر السورة«{[6104]} كلمة »على الإفراد الذي يراد به الجمع كما يقال للقصيدة كلمة ، فعبر عن وعيد الله تعالى بكلمته ، وقرأ نافع وابن عامر في الموضعين المذكورين » كلمات «وهي قراءة أبي جعفر وشيبة بن نصاح ، وهذه الآية إخبار أن في الكفار من حتم بكفره وقضى بتخليده ، وقرأ ابن أبي عبلة ، » إنهم «بكسر الألف .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.