الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{كَذَٰلِكَ حَقَّتۡ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى ٱلَّذِينَ فَسَقُوٓاْ أَنَّهُمۡ لَا يُؤۡمِنُونَ} (33)

قوله تعالى : { كَذَلِكَ حَقَّتْ } : الكافُ في محلِّ نصب نعتاً لمصدر محذوف ، والإِشارةُ ب " ذلك " إلى المصدرِ المفهوم مِنْ " تُصْرفون " ، أي : مثلَ صَرْفِهم عن الحق بعد الإِقرار به في قوله تعالى : { فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ } [ يونس : 31 ] . وقيل إشارةٌ إلى الحق . قال الزمخشري : " كذلك : مثلَ ذلك الحقِّ حَقَّتْ كلمةُ ربك " .

قوله : { أَنَّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } ، فيه أربعةُ أوجه ، أحدها : أنَّها في محلِّ رفعِ بدلاً من " كلمةُ " ، أي : حَقَّ عليهم انتفاء الإِيمان . الثاني : أنها في محلِّ رفعٍ خبراً لمبتدأ محذوف ، أي : الأمر عدمُ إيمانِهم . الثالث : أنها في محلِّ نصبٍ بعد إسقاط الحرف الجارّ . الرابع : أنها في محلِّ جرٍّ على إعمالِه محذوفاً إذا الأصل : لأنهم لا يُؤْمنون . قال الزمخشري : " أو أراد بالكلمة العِدَة بالعذاب ، و { أَنَّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } تعليل ، أي : لأنهم " .

وقرأ أبو عمرو وابنُ كثير والكوفيون " كلمة " بالإِفراد ، وكذا في آخر السورة . وقد تقدَّم ذلك في الأنعام . وقرأ ابن أبي عبلة { أَنهم لا يُؤْمنون } بكسر " إنَّ " على الاستئناف وفيها معنى التعليل ، وهذه مقويِّةُ للوجه الصائر إلى التعليل .