نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{كَذَٰلِكَ حَقَّتۡ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى ٱلَّذِينَ فَسَقُوٓاْ أَنَّهُمۡ لَا يُؤۡمِنُونَ} (33)

ولما كانوا جديرين عند تقريرهم بهذه الآية وإقرارهم بمضمونها بأن يقولوا : سلمنا فأسلمنا ولا نصرف عن الحق أبداً ، فلم يقولوا ، كانوا حقيقيين بأن يقال لهم{[37919]} : حقت عليكم كلمة الله لفسقكم وزوغانكم عن الحق . فقيل : هل خصوا بذلك ؟ فقيل : بل { كذلك } أي مثل ذلك الحقوق العظيم { حقت كلمت ربك } أي المحسن إليك بإهلاك أعدائك : الكلمة الواحدة النافذة التي لا تردد فيها ، ومعنى الجمع في قراءة نافع وابن عامر أنه لا شيء من كلماته يناقض الكلمة التي أوجبت عذابهم ، بل كلها توافقها فالمراد واحد ، أو يكون ذلك كناية عن أن عذابهم دائم فإن كلماته لا تنفذ { على } كل { الذين } فعلوا فعلهم لأنهم { فسقوا } أي أوقعوا{[37920]} الترك لأمر الله وأوجدوا عصيانه وفعلوا الخروج عن طريق الحق و{[37921]} الخروج عن دائرة الصلاح ، وهو كونهم أمة واحدة إلى دين أبيهم آدم صَفيُ الله عليه السلام{[37922]} ؛ثم علل ذلك الحقوق بقوله : { أنهم لا يؤمنون* } أي لا يتجدد{[37923]} منهم إيمان أصلاً ، وعبر بالفسق المراد به الكفر لأن السياق للخروج عن دائرة الدين الحق في قوله { وما كان الناس إلا أمة واحدة فاختلفوا } وهذا المعنى أحق بالتعبير للفسق الذي أصله الخروج عن محيط في قولهم : فسقت الرطبة عن قشرها - أي خرجت{[37924]} ، أو{[37925]} يكون المعنى : حقت الربوبية له سبحانه بهذا الدليل ، وهو فعل هذه الأمور المختتمة بالتدبير المقتضي للوحدانية له سبحانه{[37926]} قطعاً لأنه لو كان قادر يساويه في مقدوره لأمكن أن يمانعه ، وبطل أن يكون قادراً ، و{[37927]} حق أن{[37928]} من زاغ عن الحق كان في الضلال كما حق هذا { كذلك حقت } أي ثبتت ثباتاً عظيماً{[37929]} { كلمت ربك على } كل { الذين } قضى بفسقهم منهم . و{[37930]} { أنهم لا يؤمنون } تفسير لكلمته التي حقت ؛ والرزق : جعل العطاء الجاري .


[37919]:زيد من ظ.
[37920]:من ظ، وفي الأصل: أيقعوا ـ كذا.
[37921]:زيد من ظ.
[37922]:زيد من ظ.
[37923]:في ظ: لا يجدد.
[37924]:زيد من ظ.
[37925]:من ظ، وفي الأصل "و".
[37926]:زيد من ظ.
[37927]:من ظ، وفي الأصل: أو.
[37928]:سقط من ظ.
[37929]:زيد من ظ.
[37930]:زيد من ظ.