قوله تعالى : { وجعلنا ذريته هم الباقين } وأراد أن الناس كلهم من نسل نوح . روى الضحاك عن ابن عباس قال : لما خرج نوح من السفينة مات من كان معه من الرجال والنساء إلا ولده ونساءهم . قال سعيد بن المسيب : كان ولد نوح ثلاثة : سام وحام ويافث ، فسام أبو العرب وفارس والروم ، وحام أبو السودان ، ويافث أبو الترك والخزر ويأجوج ومأجوج وما هنالك .
وقوله : وَجَعَلْنا ذُرّيّتَهُ هُمُ الباقِينَ يقول : وجعلنا ذرّية نوح هم الذين بقوا في الأرض بعد مَهْلَك قومه ، وذلك أن الناس كلهم من بعد مَهْلَك نوح إلى اليوم إنما هم ذرّية نوح ، فالعجم والعرب أولاد سام بن نوح ، والترك والصقالبة والخَزَر أولاد يافث بن نوح ، والسودان أولاد حام بن نوح ، وبذلك جاءت الاَثار ، وقالت العلماء .
حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا ابن عَثْمة ، قال : حدثنا سعيد بن بشير ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن سَمُرة ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم ، في قوله : وَجَعَلْنا ذُرّيّتَهُ هُمُ الباقِينَ قال : «سام وحام ويافث » .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، في قوله : وَجَعَلْنا ذُرّيّتَهُ هُمُ الباقِينَ قال : فالناس كلهم من ذرية نوح .
حدثنا عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، في قوله : وَجَعَلْنا ذُرّيّتَهُ هُمُ الباقِينَ يقول : لم يبق إلا ذريةُ نوح .
وقوله تعالى : { وجعلنا ذريته هم الباقين } قال ابن عباس وقتادة : أهل الأرض كلهم من ذرية نوح ، قال الطبري : والعرب من أولاد سام ، والسودان من أولاد حام ، والترك والصقلب وغيرهم من أولاد يافث ، وروي عن سمرة بن جندب أن النبي صلى الله عليه وسلم وقرأ { وجعلنا ذريته هم الباقين } فقال : «سام وحام ويافث »{[9869]} ، وقالت فرقة : إن الله تعالى أبقى ذرية نوح ومد نسله وبارك في ضئضئه{[9870]} وليس الأمر بأن أهل الأرض انحصروا إلى نسله بل في الأمم من لا يرجع إليه ، والأول أشهر عند علماء الأمة وقالوا { نوح } هو آدم الأصغر .
وضمير الفصل في قوله : { هُمُ الباقِينَ } للحصر ، أي لم يبق أحد من الناس إلا من نجّاه الله مع نوح في السفينة من ذريته ، ثُم مَن تناسل منهم فلم يبق من أبناء آدم غيرُ ذرية نوح فجميع الأمم من ذرية أولاد نوح الثلاثة .
وظاهر هذا أن من آمن مع نوح من غير أبنائه لم يكن لهم نسل . قال ابن عباس : لما خرج نوح من السفينة مات من معه من الرجال والنساء إلا وُلده ونساءه . وبذلك يندفع التعارض بين هذه الآية وبين قوله في سورة هود { قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلَك إلا من سبق عليه القول ومن آمن وما آمن معه إلا قليل } [ هود : 40 ] ، وهذا جار على أن الطوفان قد عمّ الأرض كلها واستأصل جميع البشر إلا مَن حملهم نوح في السفينة وقد تقدم خبره في سورة هود .
وعمومُ الطوفان هو مقتضى ظواهر الكتاب والسنة ، ومن قالوا إن الطوفان لم يعمّ الأرض فإنما أقدموا على إنكاره من جهة قصر المدة التي حددت بها كتب الإِسرائيليين ، وليس يلزم الاطمئنان لها في ضبط عُمر الأرض وأَحداثها وذلك ليس من القواطع ، ويكون القصر إضافياً أي لم يبق من قومه الذين أرسل إليهم . وقد يقال : نسلّم أن الطوفان لم يعمّ الأرض ولكنه عم البشر لأنهم كانوا منحصرين في البلاد التي أصابها الطوفان ولئن كانت أدلة عموم الطوفان غير قطعية فإن مستندات الذين أنكروه غير ناهضة فلا تُترك ظواهر الأخبار لأجلها .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
{هم الباقين} ذلك أن أهل السفينة ماتوا، ولم يكن لهم نسل غير ولد نوح، وكان الناس من ولد نوح، فلذلك قال: {هم الباقين}.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
وقوله:"وَجَعَلْنا ذُرّيّتَهُ هُمُ الباقِينَ" يقول: وجعلنا ذرّية نوح هم الذين بقوا في الأرض بعد مَهْلَك قومه، وذلك أن الناس كلهم من بعد مَهْلَك نوح إلى اليوم إنما هم ذرّية نوح.
الثاني: {وجعلنا ذريته هم الباقين} يفيد الحصر، وذلك يدل على أن كل من سواه وسوى ذريته فقد فنوا.
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي 1270 هـ :
الحصر في الآية بالنسبة إلى من في السفينة ممن عدا أولاده وأزواجهم؛ فكأنه قيل: وجعلنا ذريته هم الباقين لا ذرية من معه في السفينة، وهو لا يستلزم عدم بقاء ذرية من لم يكن معه.
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
تتضمن قدر الله بأن يجعل من ذرية نوح عماراً لهذه الأرض وخلفاء.
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
ظاهر هذا أن من آمن مع نوح من غير أبنائه لم يكن لهم نسل.
قال ابن عباس: لما خرج نوح من السفينة مات من معه من الرجال والنساء إلا وُلده ونساءه، وبذلك يندفع التعارض بين هذه الآية وبين قوله في سورة هود {قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلَك إلا من سبق عليه القول ومن آمن وما آمن معه إلا قليل} [هود: 40]، وهذا جار على أن الطوفان قد عمّ الأرض كلها واستأصل جميع البشر إلا مَن حملهم نوح في السفينة وقد تقدم خبره في سورة هود.
تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :
فهو الأب الثاني للبشرية من بعد آدم.
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري 1439 هـ :
إلى يوم القيامة، وهذا جزاء له على صبره في دعوته وإخلاصه وصدقه فيها؛ إذ كل الناس اليوم من أولاده الثلاثة.