فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَجَعَلۡنَا ذُرِّيَّتَهُۥ هُمُ ٱلۡبَاقِينَ} (77)

{ وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين } وحدهم دون غيرهم كما يشعر به ضمير الفصل ، وذلك لأن الله أهلك الكفرة بدعائه ، ولم يبق منهم باقية ، ومن كان معه في السفينة من المؤمنين ماتوا كما قيل ، ولم يبق إلا أولاده . قال سعيد بن المسيب : كان ولد نوح ثلاثة ، والناس كلهم من ولد نوح ، فسام أبو العرب وفارس والروم واليهود والنصارى . وحام أبو السودان من المشرق إلى المغرب : السند . والهند ، والنوب ، والزنج ، والحبشة ، والقبط ، والبربر وغيرهم . ويافث أبو الصقالب ، والترك ، والخزر ، ويأجوج ومأجوج وغيرهم . وقيل : إنه كان لمن مع نوح ذرّية كما يدلّ عليه قوله : { ذُرّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ } [ الإسراء : 3 ] ، وقوله : { قِيلَ يا نوح اهبط بسلام مّنَّا وبركات عَلَيْكَ وعلى أُمَمٍ مّمَّن مَّعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ } [ هود : 48 ] ، فيكون على هذا معنى { وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين } وذرّيته وذرّية من معه دون ذرّية من كفر ، فإن الله أغرقهم فلم يبق لهم ذرّية .

/خ113