القول في تأويل قوله تعالى : { فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذّبِينَ } .
يقول تعالى ذكره : فانتقمنا من هؤلاء المكذّبة رسلها من الأمم الكافرة بربها ، بإحلالنا العقوبة بهم ، فانظر يا محمد كيف كان عقبى أمرهم ، إذ كذّبوا بآيات الله . ويعني بقوله : عاقِبَةُ المُكَذّبِينَ آخر أمر الذين كذّبوا رسل الله إلام صار ، يقول : ألم نهلكهم فنجعلهم عبرة لغيرهم ؟ كما :
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة فانْتَقَمْنا مِنْهُمْ فانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ المُكَذّبِينَ قال : شرّ والله ، أخذهم بخسف وغرق ، ثم أهلكهم فأدخلهم النار .
تفريع على جملة { قالوا إنا بما أرسلتم به كافرون } [ الزخرف : 24 ] ، أي انتقمنا منهم عقب تصريحهم بتكذيب الرّسل . وهذا تهديد بالانتقام من الذين شابهوهم في مقالهم ، وهم كفار قريش .
والانتقام افتعال من النَّقْم وهو المكافأة بالسوء ، وصيغة الافتعال لمجرد المبالغة ، يقال : نَقَمَ كعلم وضَرَب ، إذا كافأ على السوء بسوء ، وفي المثل : هو كالأرقم إن يُتْرَك يَلْقَم وإن يُقْتَل يَنقَم . الأرقم : ضرب من الحيات يعتقد العرب أنه من الجن فإنْ تركه المرء يتسور عليه فيلسعه ويقتله وإن قتله المرء انتقم بتأثيره فأمَات قاتله وهذا من أوهام العرب .
والمراد بالانتقام استئصالهم وانقراضهم . وتقدم في قوله تعالى : { فانتقمنا منهم فأغرقناهم في اليمّ } في سورة الأعراف ( 136 ) . ولذلك فالنظر في قوله : { فانظر كيف كان عاقبة المكذبين } نظر التفكر والتأمل فيما قصّ الله على رسوله من أخبارهم كقوله تعالى : { قال سننظر أصدقتَ أم كنت من الكاذبين } في سورة النمل ( 27 ) ، وليس نَظَرَ البصر إذ لم ير النبي حالة الانتقام فيهم . ويجوز أن يكون الخطاب لغير معيَّن ، أي لكل من يتأتى منه التأمل .
و { كيف } استفهام عن الحالة وهو قد علَّق فعل النظر عن مفعوله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.