المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَأَنَّهُۥ هُوَ رَبُّ ٱلشِّعۡرَىٰ} (49)

49- وأنه - هو - رب هذا الكوكب العظيم المسمى بالشعرى{[210]} .


[210]:المراد هنا الشعرى اليمانية وهي ألمع نجم في كوكبه الكلب الأكبر وألمع ما يرى من نجوم السماء، وتشاهد جنوبي الاستواء السماوي بمقدار 18 درجة، وتسمى بالنجم الكلبي وكانت تعرف بهذا الاسم منذ نحو ثلاثة آلاف سنة وأشير إليها بكلب في الآثار الفرعونية، وقد اختصها الله بالذكر لأن بعض العرب كانوا يعبدونها، وكان قدماء المصريين يعبدونها أيضا، لأن ظهورها من جهة الشرق حوالي منتصف شهر يوليو قبل شروق الشمس يتفق مع زمن الفيضان في مصر الوسطى أي مع أهم حادث في العالم، وهذا الحادث قد يكون أول تحديد لطول السنة في العالم كله. لأن ظهور الشعرى قبيل شروق الشمس لا يحدث إلا مرة واحدة في العام، فهذا ابتداء عام جديد.
 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَأَنَّهُۥ هُوَ رَبُّ ٱلشِّعۡرَىٰ} (49)

قوله تعالى : { وأنه هو رب الشعرى } وهو كوكب خلف الجوزاء وهما شعريان ، يقال لإحداهما العبور وللأخرى الغميصاء ، سميت بذلك لأنها أخفى من الأخرى ، والمجرة بينهما . وأراد هاهنا الشعرى العبور ، وكانت خزاعة تعبدها ، وأول من سن لهم ذلك رجل من أشرافهم يقال له أبو كبشة عبدها ، وقال : لأن النجوم تقطع السماء عرضاً والشعرى طولاً فهي مخالفة لها ، فعبدتها خراعة ، فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على خلاف العرب في الدين سموه ابن أبي كبشة لخلافه إياهم ، كخلاف أبي كبشة في عبادة الشعرى .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَأَنَّهُۥ هُوَ رَبُّ ٱلشِّعۡرَىٰ} (49)

{ وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى } وهي النجم المعروف بالشعرى العبور ، المسماة بالمرزم ، وخصها الله بالذكر ، وإن كان رب كل شيء ، لأن هذا النجم مما عبد في الجاهلية ، فأخبر تعالى أن جنس ما يعبده المشركون مربوب مدبر مخلوق ،

فكيف تتخذ إلها مع الله{[912]}


[912]:- في ب: فكيف تتخذ مع الله آلهة.
 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَأَنَّهُۥ هُوَ رَبُّ ٱلشِّعۡرَىٰ} (49)

وقوله : { وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشعرى } أى : وأنه - سبحانه - هو رب ذلك الكوكب المضىء ، الذى يطلع بعد الجوزاء فى شدة الحر ، ويسمى الشعرى اليمانية .

وخص هذا النجم بالذكر ، مع أنه - تعالى - هو رب كل شىء لأن بعض العرب كانوا يعبدون هذا الكوكب ، فأخبرهم - سبحانه - بأن هذا الكوكب مربوب له - تعالى - وليس ربا كما يزعمون .

قال القرطبى : واختلف فيمن كان يعبده : فقال السدى : كانت تعبده حمير وخزاعة . وقال غيره : أول من عبده رجل يقال له أبو كبشة ، أحد أجداد النبى - صلى الله عليه وسلم - من جهة أمهاته ، ولذلك كان مشركو قريش يسمون النبى - صلى الله عليه وسلم - ابن أبى كبشة . حين دعاهم إلى ما يخالف دينهم .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَأَنَّهُۥ هُوَ رَبُّ ٱلشِّعۡرَىٰ} (49)

( وأنه هو رب الشعرى ) . .

والشعرى نجم أثقل من الشمس بعشرين مرة ، ونوره خمسون ضعف نور الشمس . وهي أبعد من الشمس بمليون ضعف بعد الشمس عنا .

وقد كان هناك من يعبد هذا النجم . وكان هناك من يرصده كنجم ذي شأن . فتقرير أن الله هو رب الشعرى له مكانه في السورة التي تبدأ بالقسم بالنجم إذا هوى ؛ وتتحدث عن الرحلة إلى الملأ الأعلى ؛ كما تستهدف تقرير عقيدة التوحيد ، ونفي عقيدة الشرك الواهية المتهافتة .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَأَنَّهُۥ هُوَ رَبُّ ٱلشِّعۡرَىٰ} (49)

وقوله : { وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى } قال ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة ، وابن زيد ، وغيرهم : هو هذا النجم الوقاد الذي يقال له : " مِرْزَم الجوزاء " كانت طائفة من العرب يعبدونه .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَأَنَّهُۥ هُوَ رَبُّ ٱلشِّعۡرَىٰ} (49)

فهذه الجملة لا يجوز اعتبارها معطوفة على جملة { ألا تزر وازرة وزر أخرى } [ النجم : 38 ] إذ لا تصلح لأن تكون مما في صحف موسى وإبراهيم لأن الشعرى لم تعبد في زمن إبراهيم ولا في زمن موسى عليهما السلام فيتعين أن تكون معطوفة على { ما } الموصولة من قوله { بما في صحف موسى وإبراهيم } [ النجم : 36 ، 37 ] الخ .

الشعرى : اسم نجم من نجوم برج الجوزاء شديد الضياء ويسمى : كَلْب الجَبّار ، لأن برج الجوزاء يسمى الجَبّار عند العرب أيضاً ، وهو من البروج الربيعية ، أي التي تكون مدةُ حلول الشمس فيها هي فصل الربيع .

وسميت الجوزاء لشدة بياضها في سواد الليل تشبيهاً له بالشاة الجوزاء وهي الشاة السوداء التي وسطها أبيض .

وبرج الجوزاء ذو كواكب كثيرة ولكثير منها أسماء خاصة والعرب يتخيلون مجموع نجومها في صورة رجل واقف بيده عصا وعلى وسطه سيف ، فلذلك سموه الجَبّار . وربما تخيّلوها صورة امرأة فيطلقون على وسطها اسم المنطقة .

ولم أقف على وجه تسميتها الشِّعرى ، وسُميتْ كَلْب الجَبّار تخيلوا الجبار صائداً والشعرى يتبعه كالكلب وربما سمّوا الشعرى يَد الجوزاء ، وهو أبهر نجم برج الجوزاء ، وتوصف الشعرى باليمانيَة لأنها إلى جهة اليمن . وتوصف بالعبور { بفتح العين } لأنهم يزعمون أنها زَوج كوكب سُهيل وأنهما كانا متصلين وأن سُهيلاً انحدر نحو اليَمن فتبعته الشِعرى وعَبَرت نهر المَجَرة ، فلذلك وصفت بالعَبور فَعول بمعنى فاعلة ، وهو احتراز عن كوكب آخر ليس من كواكب الجوزاء يسمونه الشِعرى الفُمَيْصَاء ( بالغين المعجمة والصاد المهملة بصيغة تصغير ) وذكروا لتسميته قصة .

والشعرى تسمى المِرزم ( كمنبر ) ويقال : مرزم الجوزاء لأن نوءه يأتي بمطر بارد في فصل الشتاء فاشتق له اسم آلة الرَّزم وهو شدة البرد ( فإنهم كنَّوا ريح الشّمال أمَّ رِزَم ) .

وكان كوكب الشعرى عبدتْه خزاعة والذي سنّ عبادته رجل من سادة خزاعة يكنَى أبا كبشة . واختلف في اسمه ففي « تاج العروس » عن الكلبي أن اسمه جَزْء { بجيم وزاي وهمزة } . وعن الدارقطني أنه وَجز ( بواو وجيم وزاي ) بن غالب بن عامر بن الحارث بن غُبشان كذا في « التاج » ، والذي في « جمهرة ابن حزم » أن الحارث هو غُبشان الخزاعي . ومنهم من قال : إن اسم أبي كبشة عَبْد الشِعرى . ولا أحسب إلا أن هذا وصفٌ غلب عليه بعد أن اتخذ الشِّعرى معبوداً له ولقومه ، ولم يعرج ابن حزم في « الجمهرة » على ذكر أبي كَبشة .

والذي عليه الجمهور أن الشّعرى لم يعبدها من قبائل العرب إلاّ خزاعة . وفي « تفسير القرطبي » عن السدّي أن حمير عبدوا الشعرى .

وكانت قريش تدعو رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا كبشة خيل لمخالفته إياهم في عبادة الأصنام ، وكانوا يصفونه بابن أبي كبشة .

قيل لأن أبا كبشة كان من أجداد النبي صلى الله عليه وسلم من قبِل أمه يُعرِّضون أو يموّهون على دهمائهم بأنه يدعو إلى عبادة الشِعرى يريدون التغطية على الدعوة إلى توحيد الله تعالى فمن ذلك قولهم لما أراهم انشقاق القمر « سَحركم ابن أبي كبشة » وقول أبي سفيان للنفر الذين كانوا معه في حضرة هرقل « لقد أمِرَ أَمْر ابن أبي كبشة أنه يخافه ملك بني الأصفر » .

قال ابن أبي الأصبع « في هذه الآية من البديع محسن التنكيت وهو أن يقصد المتكلم إلى شيء بالذكر دون غيره مما يسده مسد لأجل نكتة في المذكور ترجح مجيئه فقوله تعالى : { وأنه هو رب الشعرَى } خَص الشعرى بالذكر دون غيرها من النجوم لأن العرب كان ظهر فيهم رجل يعرف بأبي كبشة عبدَ الشعرى ودعا خلقاً إلى عبادتها » .

وتخصيص الشعرى بالذكر في هاته السورة أنه تقدم ذكر اللاّت والعزَّى ومناة وهي معبودات وهمية لا مسميات لها كما قال تعالى : { إن هي إلا أسماء سميتموها } [ النجم : 23 ] وأعقبها بإبطال إلهية الملائكة وهي من الموجودات المجردات الخفية ، أعقب ذلك بإبطال عبادة الكواكب وخزاعة أجوار لأهل مكة فلما عبدوا الشعرى ظهرت عبادة الكواكب في الحجاز ، وإثبات أنها مخلوقة لله تعالى دليل على إبطال إلهيتها لأن المخلوق لا يكون إلهاً ، وذلك مثل قوله تعالى : { لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن } [ فصلت : 37 ] مع ما في لفظ الشعرى من مناسبة فواصل هذه السورة .

والإِتيان بضمير الفصل يفيد قصر مربوبية الشعرى على الله تعالى وذلك كناية عن كونه رب ما يعتقدون أنه من تصرفات الشعرى ، أي هو رب تلك الآثار ومقدرها وليست الشعرى ربة تلك الآثار المسندة إليها في مزاعمهم ، وليس لِقصر كون رب الشعرى على الله تعالى دون غيره لأنهم لم يعتقدوا أن للشعرى ربّاً غير الله ضرورة أن منهم من يزعم أن الشعرى ربة معبودةٌ ومنهم من يعتقد أنها تتصرف بقطع النظر عن صفتها .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَأَنَّهُۥ هُوَ رَبُّ ٱلشِّعۡرَىٰ} (49)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

ثم قال: {وأنه هو رب الشعرى} قال مقاتل: الشعرى اليمانية النيرة الجنوبية كوكب مضيء، وهي التي تتبع الجوزاء، ويقال: لها المزن والعبور، كان أناس من الأعراب من خزاعة، وغسان، وغطفان، يعبدونها، وهي الكوكب الذي يطلع بعد الجوزاء، قال الله تعالى: أنا ربها فاعبدوني...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وقوله:"وأنّهُ هُوَ رَبّ الشّعْرَى "يقول تعالى ذكره: وأن ربك يا محمد هو ربّ الشّعْرَى، يعني بالشعرى: النجم الذي يسمى هذا الاسم، وهو نجم كان بعض أهل الجاهلية يعبده من دون الله... قال ابن زيد، في قوله: "وأنّهُ رَبّ الشّعْرَى" كانت تُعبد في الجاهلية، فقال: تعبدون هذه وتتركون ربها؟ اعبدوا ربها

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

قيل: إن الشّعرى اسم كوكب كان يعبُده بعض العرب، فكأنهم ظنوا أن ما في ذلك الكوكب من الحسن والجمال لقدر له عند الله ومنزلة، وأن تدبيرهم يرجع إليه، فعبدوه لذلك. ويحتمل أنهم عبدوه لمّا لم يروا لأنفسهم أهليّة لعبادة الربّ تعالى، فعبدوا من دونه رجاء التقرب إليه... ذكر سفههم في عبادتهم الشّعرى وأمثالها، أي اعبدوا ربّ الشّعرى فإن ما فيه من الحُسن والجمال، هو الذي فعل، فإليه اصرفوا العبادة...

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

{وأنه هو رب الشعرى} إشارة إلى فساد قول قوم آخرين، وذلك لأن بعض الناس يذهب إلى أن الفقر والغنى بكسب الإنسان واجتهاده فمن كسب استغنى، ومن كسل افتقر وبعضهم يذهب إلى أن ذلك بالبخت، وذلك بالنجوم، فقال: {هو أغنى وأقنى} وإن قائل الغنى بالنجوم غالط، فنقول هو رب النجوم وهو محركها، كما قال تعالى: {هو رب الشعرى} وقوله: {هو رب الشعرى} لإنكارهم ذلك أكد بالفصل،

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

فتقرير أن الله هو رب الشعرى له مكانه في السورة التي تبدأ بالقسم بالنجم إذا هوى؛ وتتحدث عن الرحلة إلى الملأ الأعلى؛ كما تستهدف تقرير عقيدة التوحيد، ونفي عقيدة الشرك الواهية المتهافتة.