وجملة { وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا . . . } معطوفة على " بناها " والإِغطاش : الإِظلام الشديد
يقال " غطش الليل - من باب ضرب - إذا اشتد ظلامه .
أى : وجعل - بقدرته - ليل هذه السماء مظلما غاية الإِظلام : بسبب مغيب شمسها .
{ وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا } أى : وأبرز وأضاء نهارها ، إذ الضحكى فى الأصل : انتشار الشمس ، وامتداد النهار . ثم سمى به هذا الوقت ، لبروز ضوء الشمس فيه أكثر من غيره ، فهو من باب تسمية الشئ باسم أشرف أجزائه وأطيبها .
وأضاف - سبحانه - الليل والضحى إلى السماء لأنهما يحدثان بسبب غروب شمسها وطلوعها .
( وأغطش ليلها وأخرج ضحاها ) . . وفي التعبير شدة في الجرس والمعنى ، يناسب الحديث عن الشدة والقوة . وأغطش ليلها أي أظلمه . وأخرج ضحاها . أي أضاءها . ولكن اختيار الألفاظ يتمشى في تناسق مع السياق . . وتوالي حالتي الظلام والضياء ، في الليل والضحى الذي هو أول النهار ، حقيقة يراها كل أحد ؛ ويتأثر بها كل قلب . وقد ينساها بطول الألفة والتكرار ، فيعيد القرآن جدتها بتوجيه المشاعر إليها . وهي جديدة أبدا . تتجدد كل يوم ، ويتجدد الشعور بها والانفعال بوقعها . فأما النواميس التي وراءها فهي كذلك من الدقة والعظمة بحيث تروع وتدهش من يعرفها . . فتظل هذه الحقيقة تروع القلوب وتدهشها كلما اتسع علمها وكبرت معرفتها !
وجملة { وأغطش ليلها } معطوفة على جملة { بناها } وليست معطوفة على { رفع سمكها } لأن إغطاش وإخراج الضحى ليس مما يبين به البناء .
والإِغطاش : جعله غاطشاً ، أي ظلاماً يقال : غَطَش الليل من باب ضرب ، أي أظلم .
والمعنى : أنه خَصَّ الليل بالظلمة وجعله ظلاماً ، أي جعل ليلها ظلاماً ، وهو قريب من قوله : { رفع سمكها } من باب قولهم : ليل ألْيَل .
وإخراج الضحى : إبراز نور الضحى ، وأصل الإِخراج النقل من مكان حاوٍ واستعير للإِظهار استعارة شائعة .
والضحى : بروز ضوء الشمس بعد طلوعها وبعد احمرار شعاعها ، فالضحى هو نور الشمس الخالص وسمي به وقته على تقدير مضاف كما في قوله تعالى : { وأن يحشر الناس ضحى } [ طه : 59 ] يدل لذلك قوله تعالى : { والشمس وضحاها } [ الشمس : 1 ] ، أي نورها الواضح .
وإنما جعل إظهار النور إخراجاً لأن النور طارىء بعد الظلمة ، إذ الظلمة عَدَم وهو أسبق ، والنور محتاج إلى السبب الذي ينيره .
وإضافة ( ليل ) و ( ضحى ) إلى ضمير { السماء } إن كان السماء الدنيا فلأنهما يلوحان للناس في جوّ السماء فيلوح الضحى أشعة منتشرة من السماء صادرة من جهة مطلع الشمس فتقع الأشعة على وجه الأرض ثم إذا انحجبت الشمس بدورة الأرض في اليوم والليلة أخذ الظلام يحلّ محلّ ما يتقلص من شعاع الشمس في الأفق إلى أن يصير ليلاً حالكاً محيطاً بقسم من الكرة الأرضية .
وإن كان السماء جنساً للسماوات فإضافة ليل وضحى إلى السماوات لأنهما يلوحان في جهاتها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.