قوله تعالى : { هو الحي لا إله إلا هو فادعوه مخلصين له الدين الحمد لله رب العالمين } قال الفراء : هو خبر وفيه إضمار الأمر ، مجازه : فادعوه واحمدوه . وروي عن مجاهد عن ابن عباس قال : من قال : لا إله إلا الله فليقل على إثرها : الحمد لله رب العالمين ، فذلك قوله عز وجل : { فادعوه مخلصين له الدين الحمد لله رب العالمين } .
{ هُوَ الْحَيُّ } الذي له الحياة الكاملة التامة ، المستلزمة لما تستلزمه من صفاته الذاتية ، التي لا تتم حياته إلا بها ، كالسمع ، والبصر ، والقدرة ، والعلم ، والكلام ، وغير ذلك ، من صفات كماله ، ونعوت جلاله .
{ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ } أي : لا معبود بحق ، إلا وجهه الكريم . { فَادْعُوهُ } وهذا شامل لدعاء العبادة ، ودعاء المسألة { مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ } أي : اقصدوا بكل عبادة ودعاء وعمل ، وجه الله تعالى ، فإن الإخلاص ، هو المأمور به كما قال تعالى : { وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ }
{ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } أي : جميع المحامد والمدائح والثناء ، بالقول كنطق الخلق بذكره ، والفعل ، كعبادتهم له ، كل ذلك للّه تعالى وحده لا شريك له ، لكماله في أوصافه وأفعاله ، وتمام نعمه .
{ هُوَ الحي } أى : هو - سبحانه - المنفرد بالحياة الدائمة الباقية . .
{ لاَ إله إِلاَّ هُوَ } إذ لا موجود يدانيه ولا فى صفاته ولا فى أفعاله .
{ فادعوه مُخْلِصِينَ لَهُ الدين الحمد للَّهِ رَبِّ العالمين } أى : فاعبدوه عبادة خالصة لوجهه الكريم ، وأطيعوه طاعة لا مكان معها للتردد أو التكاسل ، حالة كونكم قائلين : الحمد لله رب العالمين .
قال ابن جرير : كان جماعة من أهل العلم يأمرون من قال لا إله إلا الله ، أن يتبعها بقوله : { الحمد للَّهِ رَبِّ العالمين } عملا بهذه الآية .
أجل . هو وحده الحي . الحي حياة ذاتية غير مكسوبة ولا مخلوقة . وغير مبتدئة ولا منتهية . وغير حائلة ولا زائلة . وغير متقلبة ولا متغيرة . وما من شيء له هذه الصفة من الحياة . سبحانه هو المتفرد بالحياة .
وهو المتفرد بالألوهية . بما أنه المتفرد بالحياة . فالحي الواحد هو الله :
ومن ثم . . ( فادعوه مخلصين له الدين ) . . واحمدوه في الدعاء : ( الحمد لله رب العالمين ) . .
ثم قال : { هُوَ الْحَيُّ لا إِلَهَ إِلا هُوَ } أي : هو الحي أزلا وأبدًا ، لم يزل ولا يزال ، وهو الأول والآخر ، والظاهر والباطن ، { لا إِلَهَ إِلا هُوَ } أي : لا نظير له ولا عديل له ، { فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ } أي : موحدين له مقرين بأنه لا إله إلا هو { الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } .
قال ابن جرير : كان جماعة من أهل العلم يأمرون من قال : " لا إله إلا الله " أن يتبعها بالحمد لله رب العالمين ، عملا بهذه الآية .
ثم روى عن محمد بن علي بن الحسن بن شقيق ، عن أبيه ، عن الحسين بن واقد ، عن الأعمش ، عن مجاهد ، عن ابن عباس{[25592]} قال : من قال : " لا إله إلا الله " فليقل على أثرها : " الحمد لله رب العالمين " فذلك {[25593]} قوله تعالى : { فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } .
وقال أبو أسامة وغيره ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن سعيد بن جبير قال : إذا قرأت : { فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ } [ غافر : 14 ] ، فقل : " لا إله إلا الله " وقل على أثرها : " الحمد لله رب العالمين " ثم قرأ هذه الآية : { فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } .
لما سددت الآيات صفات الله تعالى التي تبين فساد حال الأصنام كان من أبينها أن الأصنام موات جماد ، وأنه عز وجل الحي القيوم ، وصدور الأمور من لدنه ، وإيجاد الأشياء وتدبير الأمر دليل قاطع على أنه حي لا إله إلا هو .
وقوله : { فادعوه مخلصين له الدين ، الحمد لله رب العالمين } كلام متصل مقتضاه : ادعوه مخلصين بالجهد ، وبهذه الألفاظ قال ابن عباس : من قال لا إله إلا الله ، فليقل على أثرها : { الحمد لله رب العالمين } . وقال نحو هذا سعيد بن جبير ثم قرأ هذه الآية .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.