ويعقب على هذه الوقفة التقريرية لهذه الحقيقة من حقائق الغيب ، ولمناهج التصور الهادية والمضللة . . يعقب على هذا بربط حقيقة الآخرة ، وحقيقة سقر ، وحقيقة جنود ربك ، بظواهر الوجود المشهودة في هذا العالم ، والتي يمر عليها البشر غافلين ، وهي تشي بتقدير الإرادة الخالقة وتدبيرها ، وتوحي بأن وراء هذا التقدير والتدبير قصدا وغاية ، وحسابا وجزاء :
كلا والقمر . والليل إذ أدبر . والصبح إذا أسفر . إنها لأحدى الكبر . نذيرا للبشر . .
ومشاهد القمر ، والليل حين يدبر ، والصبح حين يسفر . . مشاهد موحية بذاتها ، تقول للقلب البشري أشياء كثيرة ؛ وتهمس في أعماقه بأسرار كثيرة ؛ وتستجيش في أغواره مشاعر كثيرة . والقرآن يلمس بهذه الإشارة السريعة مكامن هذه المشاعر والأسرار في القلوب التي يخاطبها ، على خبرة بمداخلها ودروبها !
وقل أن يستيقظ قلب لمشهد القمر حين يطلع وحين يسري وحين يغيب . . ثم لا يعي عن القمر شيئا يهمس له به من أسرار هذا الوجود ! وإن وقفة في نور القمر أحيانا لتغسل القلب كما لو كان يستحم بالنور !
وقل أن يستيقظ قلب لمشهد الليل عند إدباره ، في تلك الهدأة التي تسبق الشروق ، وعندما يبدأ هذا الوجود كله يفتح عينيه ويفيق . . ثم لا ينطبع فيه أثر من هذا المشهد وتدب في أعماقه خطرات رفافة وشفافة .
وقل أن يستيقظ قلب لمشهد الصبح عند إسفاره وظهوره ، ثم لا تنبض فيه نابضة من إشراق وتفتح وانتقال شعوري من حال إلى حال ، يجعله أشد ما يكون صلاحية لاستقبال النور الذي يشرق في الضمائر مع النور الذي يشرق في النواظر .
والله الذي خلق القلب البشري يعلم أن هذه المشاهد بذاتها تصنع فيه الأعاجيب في بعض الأحايين ، وكأنها تخلقه من جديد .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :
{وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ} أي: تجلَّى.
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
أقبل ضياؤه فجل العلم بحلوله، وحصلت الهداية بحصوله
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
[نص مكرر لاشتراكه مع الآية 32]
ويعقب على هذه الوقفة التقريرية لهذه الحقيقة من حقائق الغيب، ولمناهج التصور الهادية والمضللة.. يعقب على هذا بربط حقيقة الآخرة، وحقيقة سقر، وحقيقة جنود ربك، بظواهر الوجود المشهودة في هذا العالم، والتي يمر عليها البشر غافلين، وهي تشي بتقدير الإرادة الخالقة وتدبيرها، وتوحي بأن وراء هذا التقدير والتدبير قصدا وغاية، وحسابا وجزاء:
كلا والقمر. والليل إذ أدبر. والصبح إذا أسفر. إنها لأحدى الكبر. نذيرا للبشر..
ومشاهد القمر، والليل حين يدبر، والصبح حين يسفر.. مشاهد موحية بذاتها، تقول للقلب البشري أشياء كثيرة؛ وتهمس في أعماقه بأسرار كثيرة؛ وتستجيش في أغواره مشاعر كثيرة. والقرآن يلمس بهذه الإشارة السريعة مكامن هذه المشاعر والأسرار في القلوب التي يخاطبها، على خبرة بمداخلها ودروبها!
وقل أن يستيقظ قلب لمشهد القمر حين يطلع وحين يسري وحين يغيب.. ثم لا يعي عن القمر شيئا يهمس له به من أسرار هذا الوجود! وإن وقفة في نور القمر أحيانا لتغسل القلب كما لو كان يستحم بالنور!
وقل أن يستيقظ قلب لمشهد الليل عند إدباره، في تلك الهدأة التي تسبق الشروق، وعندما يبدأ هذا الوجود كله يفتح عينيه ويفيق.. ثم لا ينطبع فيه أثر من هذا المشهد وتدب في أعماقه خطرات رفافة وشفافة.
وقل أن يستيقظ قلب لمشهد الصبح عند إسفاره وظهوره، ثم لا تنبض فيه نابضة من إشراق وتفتح وانتقال شعوري من حال إلى حال، يجعله أشد ما يكون صلاحية لاستقبال النور الذي يشرق في الضمائر مع النور الذي يشرق في النواظر.
والله الذي خلق القلب البشري يعلم أن هذه المشاهد بذاتها تصنع فيه الأعاجيب في بعض الأحايين، وكأنها تخلقه من جديد.
تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :
{وَالصُّبْحِ إِذَآ أَسْفَرَ} وكشف عن وجهه المشرق الذي يتلألأ بكل حبّات الضوء التي تتساقط من الأفق، كما يتساقط الندى على الزهور، ثم ينهمر الضياء كالشلال عندما يتدفق، فيزداد الشروق حتى يغمر الكون... إنها الحقيقة: حقيقة الضياء الذي يهزم الليل، وحقيقة الصبح الذي يحدّق بالكون في كل مواقعه حتى لا تبقى هناك أيّة زاويةٍ لم يشرق فيها النور، وهكذا هي الحقيقة الدينية التي تشرق في الروح والقلب والضمير، ليكون القسم بمواقع النور إيذاناً بالنور في الحقيقة.