وقولهم : { إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ } قال ابن عباس : لفي خطئك القديم .
وقال قتادة : أي من حب يوسف لا تنساه ولا تسلاه ، قالوا لوالدهم كلمةً غليظة ، لم يكن ينبغي لهم أن يقولوها لوالدهم ، ولا لنبي الله صلى الله عليه وسلم{[15289]} وكذا قال السدي ، وغيره .
القول في تأويل قوله تعالى : { قَالُواْ تَاللّهِ إِنّكَ لَفِي ضَلاَلِكَ الْقَدِيمِ } .
يقول تعالى ذكره : قال الذين قال لهم يعقوب من ولده إنّي لأَجِدَ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلا أنْ تُفَنّدُونِ تالله أيها الرجل ، إنك من حبّ يوسف وذكره ، لفي خطئك وزللك القديم لا تنساه ، ولا تتسلّى عنه .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثني المثنى ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : إنّكَ لَفِي ضَلالِكَ القَدِيمِ يقول : خطئك القديم .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : قالُوا تاللّهِ إنّكَ لَفِي ضَلالِكَ القَديمِ أي من حبّ يوسف لا تنساه ولا تسلاه ، قالوا لوالدهم كلمة غليظة لم يكن ينبغي لهم أن يقولوها لوالدهم ولا لنبيّ الله صلى الله عليه وسلم .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عمرو ، عن أسباط ، عن السديّ : قالُوا تاللّهِ إنّكَ لَفِي ضَلالِكَ القَدِيمِ قال : في شأن يوسف .
حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أبو أحمد ، قال قال سفيان : تاللّهِ إنّكَ لَفِي ضَلالِكَ القَدِيمِ قال : من حبك ليوسف .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عمرو ، عن سفيان ، نحوه .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج : قالُوا تاللّهِ إنّكَ لَفِي ضَلالِكَ القَدِيمِ قال : في حبك القديم .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : قالُوا تاللّهِ إنّكَ لَفِي ضَلالِكَ القَدِيم أي إنك لمن ذكر يوسف في الباطل الذي أنت عليه .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : تاللّهِ إنّكَ لَفِي ضَلالِكَ القَدِيم قال : يعنون : حزنه القديم على يوسف ، وفي ضلالك القديم : لفي خطئك القديم .
وقولهم : { لفي ضلالك } يريدون في انتكافك وتحيرك{[6832]} ، وليس هو بالضلال الذي هو في العرف ضد الرشاد ، لأن ذلك من الجفاء الذي لا يسوغ لهم مواجهته به ، وقد تأول بعض الناس على ذلك ، ولهذا قال قتادة رحمه الله : قالوا لوالدهم كلمة غليظة لم يكن ينبغي لهم أن يقولوها لوالدهم ولا لنبي الله عليه السلام ، وقال ابن عباس : المعنى : لفي خطئك .
قال القاضي أبو محمد : وكان حزن يعقوب قد تجدد بقصة بنيامين ، فلذلك يقال له : ذو الحزنين .
الذين قالوا : { تالله إنك لفي ضلالك القديم } هم الحاضرون من أهله ولم يسبق ذكرهم لظهور المراد منهم وليسوا أبناءه لأنهم كانوا سائرين في طريقهم إليه .
والضلال : البُعْد عن الطريق الموصّلة . والظرفية مجاز في قوة الاتّصاف والتلبّس وأنه كتلبس المظروف بالظرف . والمعنى : أنك مستمر على التلبس بتطلب شيء من غير طريقه . أرادوا طمعه في لقاء يوسف عليه السلام . ووصفوا ذلك بالقديم لطول مدّته ، وكانت مدة غيبة يوسف عن أبيه عليهما السلام اثنتين وعشرين سنة . وكان خطابهم إياه بهذا مشتملاً على شيء من الخشونة إذ لم يكن أدب عشيرته منافياً لذلك في عرفهم .