( 16 ) { وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا } وجحدوا نعمه وقابلوها بالكفر { وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا } التي جاءتهم بها رسلنا { فَأُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ } فيه ، قد أحاطت بهم جهنم من جميع جهاتهم واطَّلع العذاب الأليم على أفئدتهم وشوى الحميم وجوههم وقطَّع أمعاءهم ، فأين الفرق بين الفريقين وأين التساوي بين المنعمين والمعذبين ؟ "
القول في تأويل قوله تعالى : { وَأَمّا الّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذّبُواْ بِآيَاتِنَا وَلِقَآءِ الاَخِرَةِ فَأُوْلََئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ } .
يقول تعالى ذكره : وأما الذين جحدوا توحيد الله ، وكذّبوا رسله ، وأنكروا البعث بعد الممات والنشور للدار الاَخرة ، فأولئك في عذاب الله محضرون ، وقد أحضرهم الله إياها ، فجمعهم فيها ليذوقوا العذاب الذي كانوا في الدنيا يكذّبون .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
{وأما الذين كفروا} بتوحيد الله عز وجل، {وكذبوا بآياتنا} يعني القرآن {ولقاء الآخرة} يعني البعث، {فأولئك في العذاب محضرون}...
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
يقول تعالى ذكره: وأما الذين جحدوا توحيد الله، وكذّبوا رسله، وأنكروا البعث بعد الممات والنشور للدار الآخرة، فأولئك في عذاب الله محضرون، وقد أحضرهم الله إياها، فجمعهم فيها ليذوقوا العذاب الذي كانوا في الدنيا يكذّبون.
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
{فأولئك في العذاب محضرون}: يحضر الأتباع والمتبوع جميعا في النار، ويجمع بينهم كقوله: {احشروا الذين ظلموا وأزواجهم} الآية [الصافات: 22] وقوله: {فبئس القرين}.
النكت و العيون للماوردي 450 هـ :
{فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ} فيه خمسة تأويلات: أحدها: مدخلون، قاله يحيى بن سلام. الثاني: نازلون، ومنه قوله: {إذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوتُ} [البقرة: 180] و [المائدة: 106] أي نزل به. الثالث: مقيمون، قاله ابن شجرة. الرابع: معذّبون. الخامس: مجموعون، ومعاني هذه التأويلات متقاربة...
التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :
ثم بين تعالى أن الكفار في ضد ما فيه أهل الجنة.
" فهم في العذاب محضرون ": ولفظة الإحضار لا تستعمل إلا فيما يكرهه الإنسان، ومنه حضور الوفاة، ويقال: أحضر فلان مجلس السلطان إذا جيء به بما لا يؤثره، والإحضار إيجاد ما به يكون الشيء حاضرا، إما بإيجاد عينه كإحضار المعنى في النفس أو بإيجاد غيره، كإيجاد ما به يكون الإنسان حاضرا...
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
{مُحْضَرُونَ} لا يغيبون عنه ولا يخفف عنهم...
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
{وأما الذين كفروا} أي غطوا ما كشفته أنوار العقول. {وكذبوا} عناداً {بآياتنا} التي لا أصدق منها ولا أضوأ من أنوارها، بما لها من عظمتنا.
{فأولئك} أي البعداء البغضاء {في العذاب} أي الكامل لا غيره {محضرون} من أي محضر كان، بالسوق الحثيث، والزجر العنيف، فإذا وصلوا إلى مقره وكل بهم من يديم كونهم كذلك -لإفادة الجملة الاسمية الدوام...
إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود 982 هـ :
{وَأَمَّا الذين كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بآياتنا} التي من جُملتها هذه الآياتُ النَّاطقةُ بما فُصِّل.
{وَلِقَاء الآخرة} صرَّح بذلك مع اندراجِه في تكذيبِ الآياتِ للاعتناءِ بأمرِه.
{فَأُوْلَئِكَ} إشارةٌ إلى الموصولِ باعتبارِ اتِّصافِه بما في حيِّز الصِّلةِ من الكُفرِ والتَّكذيبِ بآياتِه تعالى وبلقاءِ الآخرةِ للإيذانِ بكمالِ تميُّزِهم بذلكَ عن غيرِهم وانتظامِهم في سلكِ المُشاهداتِ.
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
و {ومحضرون}... يفيد التأييد بطريق الكناية لأنه لما ذكر بعد قوله {في العَذاب} ناسب أن لا يكون المقصود من وصفهم المحضرين أنهم كائنون في العذاب لئلا يكون مجرد تأكيد بمدلول في الظرفية فإن التأسيس أوقع من التأكيد، ويجوز أن يكون محضَرون بمعنى مأتيٌّ بهم إلى العذاب فقد كثر في القرآن استعمال محضر ونحوه بمعنى معاقب، قال تعالى {ولقد علمت الجِنّة إنهم لمُحضرون} [الصافات: 158]
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
الطريف هنا أنّه في شأن أهل الجنّة استعملت كلمة «يُحبرون» وتدلّ على منتهى الرضا من جميع الجوانب لدى أهل الجنّة.. ولكن استعملت كلمة «محضرون» في أهل النّار، وهي دليل على منتهى الكراهة وعدم الرضا لما يتلقونه ويستقبلونه، لأنّ الإحضار يطلق في موارد تكون على خلاف الرغبات الباطنيّة للإنسان.