قوله تعالى : { إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس } ، روينا عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس ، فإنه أوسط الجنة ، وأعلى الجنة ، وفوقه عرش الرحمن ، ومنه تفجر أنهار الجنة " . قال كعب : ليس في الجنان جنة أعلى من جنة الفردوس فيه الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر . وقال قتادة : ( الفردوس ) : ربوة الجنة وأوسطها وأفضلها وأرفعها . قال كعب : الفردوس هو البستان الذي فيه الأعناب . وقال مجاهد : هو البستان بالرومية . وقال عكرمة : هي الجنة بلسان الحبش . قال الزجاج : هو بالرومية منقول إلى لفظ العربية . وقال الضحاك : هي الجنة الملتفة الأشجار . وقيل : هي الروضة المستحسنة . وقيل : هي التي تنبت ضروباً من النبات ، وجمعه فراديس . { نزلاً } قيل أي : منزلاً . وقيل : ما يهيأ للنازل على معنى كانت لهم ثمار جنات الفردوس ونعيمها نزلاً ، ومعنى كانت لهم أي : في علم الله قبل أن يخلقوا .
{ 107-108 ْ } { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا * خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا ْ }
أي : إن الذين آمنوا بقلوبهم ، وعملوا الصالحات بجوارحهم ، وشمل هذا الوصف جميع الدين ، عقائده ، وأعماله ، أصوله ، وفروعه الظاهرة ، والباطنة ، فهؤلاء -على اختلاف طبقاتهم من الإيمان والعمل الصالح -لهم جنات الفردوس .
يحتمل أن المراد بجنات الفردوس ، أعلى الجنة ، وأوسطها ، وأفضلها ، وأن هذا الثواب ، لمن كمل فيه الإيمان والعمل الصالح ، والأنبياء والمقربون .
ويحتمل أن يراد بها ، جميع منازل الجنان ، فيشمل هذا الثواب ، جميع طبقات أهل الإيمان ، من المقربين ، والأبرار ، والمقتصدين ، كل بحسب حاله ، وهذا أولى المعنيين لعمومه ، ولذكر الجنة بلفظ الجمع المضاف إلى الفردوس ، ولأن الفردوس يطلق على البستان ، المحتوي على الكرم ، أو الأشجار الملتفة ، وهذا صادق على جميع الجنة ، فجنة الفردوس نزل ، وضيافة لأهل الإيمان والعمل الصالح ، وأي : ضيافة أجل وأكبر ، وأعظم من هذه الضيافة ، المحتوية على كل نعيم ، للقلوب ، والأرواح ، والأبدان ، وفيها ما تشتهيه الأنفس . وتلذ الأعين ، من المنازل الأنيقة ، والرياض الناضرة ، والأشجار المثمرة ، . والطيور المغردة المشجية ، والمآكل اللذيذة ، والمشارب الشهية ، والنساء الحسان ، والخدم ، والولدان ، والأنهار السارحة ، والمناظر الرائقة ، والجمال الحسي والمعنوي ، والنعمة الدائمة ، وأعلى ذلك وأفضله وأجله ، التنعم بالقرب من الرحمن ونيل رضاه ، الذي هو أكبر نعيم الجنان ، والتمتع برؤية وجهه الكريم ، وسماع كلام الرءوف الرحيم ، فلله تلك الضيافة ، ما أجلها وأجملها ، وأدومها وأكملها " ، وهي أعظم من أن يحيط بها وصف أحد من الخلائق ، أو تخطر على القلوب ، فلو علم العباد بعض ذلك النعيم علما حقيقيا يصل إلى قلوبهم ، لطارت إليها قلوبهم بالأشواق ، ولتقطعت أرواحهم من ألم الفراق ، ولساروا إليها زرافات ووحدانا ، ولم يؤثروا عليها دنيا فانية ، ولذات منغصة متلاشية ، ولم يفوتوا أوقاتا تذهب ضائعة خاسرة ، يقابل كل لحظة منها من النعيم من الحقب آلاف مؤلفة ، ولكن الغفلة شملت ، والإيمان ضعف ، والعلم قل ، والإرادة نفذت{[502]} فكان ، ما كان ، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
وجنات الفردوس : هى أفضل الجنات وأعلاها . ولفظ الفردوس : لفظ عربى ويجمع على فراديس ، ومنه قولهم صدر مفردس ، أى : واسع .
قال الآلوسى ما ملخصه : عن مجاهد أن الفردوس هو البستان بالرومية ، وعن عكرمة أن الفردوس هو الجنة بالحبشية .
ونص الفراء على أن هذا اللفظ عربى ومعناه البستان الذى فيه كرم .
وقال المبرد : هى - أى كلمة الفردوس - فيما سمعت من العرب : الشجر الملتف والأغلب عليه العنب .
وأخرج الشيخان عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إذا سألتم الله - تعالى - فأسألوه الفردوس ، فإنه وسط الجنة وأعلى الجنة ، وفوقه عرش الرحمن . ومنه تفجر أنهار الجنة " .
والمعنى : إن الذين آمنوا بالله - تعالى - وبكل ما يجب الإِيمان به ، وعملوا الأعمال الصالحات بإخلاص واتباع لما جاء به الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم كانت لهم عند الله - تعالى - جنات الفردوس ، التى هى أفضل الجنات وأرفعها درجة { نزلا } أى : هدية تقدم لهم منه يوم القيامة ، ومكانا ينزلون به تكريما وتشريفا لهم .
{ إِنّ الّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً * خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً } .
يقول تعالى ذكره : إن الذين صدقوا بالله ورسوله ، وأقرّوا بتوحيد الله وما أنزل من كتبه وعملوا بطاعته ، كانت لهم بساتين الفردوس ، والفردوس : معظم الجنة ، كما قال أمية :
كانَتْ مَنازِلُهُمْ إذْ ذاكَ ظاهِرَةً *** فِيها الفَراديسُ والفُومانُ والبَصَلُ
واختلف أهل التأويل في معنى الفردوس فقال بعضهم : عنى به أفضل الجنة وأوسطها . ذكر من قال ذلك :
حدثنا محمد بن المثنى ، قال : حدثنا عباس بن الوليد ، قال : حدثنا يزيد بن زريع ، عن سعيد ، عن قتادة ، قال : الفردوس : رَبوة الجنة وأوسطها وأفضلها .
حدثنا أحمد بن سريج الرازي ، قال : حدثنا الهيثم أبو بشر ، قال : أخبرنا الفرج بن فضالة ، عن لقمان ، عن عامر ، قال : سئل أبو أسامة عن الفردوس ، فقال : هي سرّة الجنة .
حدثنا أحمد بن أبي سريج ، قال : حدثنا حماد بن عمرو النصيبي ، عن أبي عليّ ، عن كعب ، قال : ليس في الجنان جنة أعلى من جنة الفردوس ، وفيها الاَمرون بالمعروف ، والناهون عن المنكر .
وقال آخرون : هو البستان بالرومية . ذكر من قال ذلك :
حدثني عليّ بن سهل الرملي ، قال : حدثنا حجاج عن ابن جريج ، عن عبد الله بن كثير ، عن مجاهد ، قال : الفردوس : بستان بالرومية .
حدثنا العباس بن محمد ، قال : حدثنا حجاج ، قال : ابن جريج : أخبرني عبد الله عن مجاهد ، مثله .
وقال آخرون : هو البستان الذي فيه الأعناب . ذكر من قال ذلك :
حدثنا عباس بن محمد ، قال : حدثنا محمد بن عبيد ، عن الأعمش ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن عبد الله بن الحارث ، عن كعب ، قال : جنات الفردوس التي فيها الأعناب .
والصواب من القول في ذلك ، ما تظاهرت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . وذلك ما :
حدثنا به أحمد بن أبي سريج ، قال : حدثنا يزيد بن هارون ، قال : أخبرنا همام بن يحيى ، قال : حدثنا زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن عبادة بن الصامت ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال : «الجَنّةُ مِئَةُ دَرَجَةٍ ، ما بينَ كُلّ دَرَجَتَينِ مَسِيرَةُ عامٍ والفِرْدَوْسُ أعْلاها دَرَجَةً ، وَمِنْها الأنهَارُ الأرْبَعَةُ ، والفِرْدَوْسُ مِنْ فَوْقِها ، فإذَا سألْتُمُ اللّهَ فاسألُوهُ الفِرْدَوْسَ » .
حدثنا موسى بن سهل ، قال : حدثنا موسى بن داود ، قال : حدثنا همام بن يحيى ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن عُبادة بن الصامت ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «الجَنّةُ مِئَةُ دَرَجَةٍ ما بينَ كُلّ دَرَجَتَينِ كمَا بينَ السّماءِ والأرْضِ ، أعْلاها الفِرْدَوْسُ ، ومِنْها تُفَجّر أنهَارُ الجَنّةِ الأرْبَعَةُ ، فإذَا سألْتُمُ اللّهَ فاسألُوهُ الفِرْدَوْسَ » .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : ثني أبو يحيى بن سليمان ، عن هلال بن أسامة ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي هريرة ، أو أبي سعيد الخُدريّ ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : «إذَا سألْتُمُ اللّهَ فاسألُوهُ الفِرْدَوْسَ ، فإنّها أوْسَطُ الجَنّةِ وأعْلَى الجَنّةِ ، وَفَوْقَها عَرْشُ الرّحْمنِ تَبارَكَ وَتَعالى ، ومِنْهُ تَفَجّرُ أنهارُ الجَنّةِ » .
حدثنا محمد بن المثنى ، قال : حدثنا أبو عامر ، قال : حدثنا فليح ، عن هلال ، عن عبد الرحمن بن أبي عمرة ، عن أبي هريرة ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم مثله ، إلا أنه قال : «وَسَطُ الجَنّةِ » وقالَ أيضا : «وَمِنهُ تُفَجّرُ أو تَتَفَجّرُ » .
حدثني عمار بن بكار الكلاعي ، قال : حدثنا يحيى بن صالح ، قال : حدثنا عبد العزيز بن محمد ، قال : حدثنا زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن معاذ بن جبل ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «إنّ فِي الجَنّةِ مِئَةَ دَرَجَةٍ ، ما بينَ كُلّ دَرَجَتَينِ كمَا بينَ السّماءِ والأرْضِ ، والفِرْدَوْسُ أعْلَى الجنّةِ وأوْسَطُها ، وفَوْقُها عَرْشُ الرّحْمنِ ، ومِنْها تَفَجّر أنهَارُ الجَنّةِ ، فإذَا سألْتُمُ الله فَسَلُوهُ الفِرْدَوْسَ » .
حدثنا أحمد بن منصور ، قال : حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ، قال : حدثنا الحارث بن عمير ، عن أبيه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «جَنّاتُ الفِرْدَوْسِ أرْبَعَةٌ ، اثْنَتانِ مِنْ ذَهَبٍ حِلْيَتُهُما وآنِيَتُهُما ، وَما فِيهِما مِنْ شَيْءٍ ، وَاثْنَتانِ مِنْ فِضّةٍ حِلْيَتُهُما وآنِيَتُهُما ، وَما فِيهِما مِنْ شَيْءٍ » .
حدثنا أحمد بن أبي سريج ، قال : حدثنا أبو نعيم ، قال : حدثنا أبو قدامة ، عن أبي عمران الجوني ، عن أبي بكر بن عبد الله بن قيس ، عن أبيه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «جَنّاتُ الفِرْدَوْسِ أرْبَعٌ : ثِنْتانِ مِنْ ذَهَبٍ حِلْيَتهُما وآنِيَتُهُما وَما فِيهِما ، وَثِنْتانِ مِنْ فِضّةٍ حِلْيَتُهُما وآنِيَتُهُما وَما فِيهِما » .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا يعقوب ، عن حفص ، عن شمر ، قال : خلق الله جنة الفردوس بيده ، فهو يفتحها في كلّ يوم خميس ، فيقول : ازدادي طيبا لأوليائي ، ازدادي حسنا لأوليائي .
حدثنا ابن البرقيّ ، قال : حدثنا ابن أبي مريم ، قال : أخبرنا محمد بن جعفر وابن الدراورديّ ، قالا : حدثنا زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن معاذ بن جبل ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إنّ للْجَنّةِ مِئَةَ دَرَجَةٍ ، كُلّ دَرَجَةٍ مِنْها كَمَا بينَ السّماءِ والأرْضِ ، أعْلَى دَرَجَةً مِنْها الفِرْدَوْسُ » .
حدثني أحمد بن يحيى الصوفيّ ، قال : حدثنا أحمد بن الفرج الطائيّ ، قال : حدثنا الوليد بن مسلم ، عن سعيد بن بشير ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن سَمُرة بن جُنْدَب ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «الفِرْدَوْسُ مِنْ رَبْوَةِ الجَنّةِ ، هِيَ أوْسَطُها وأحْسَنُها » .
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا ابن أبي عديّ ، قال : أنبأنا إسماعيل بن مسلم ، عن الحسن ، عن سمرة بن جندب ، قال : أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أنّ الفِرْدَوْسَ هِيَ أعْلَى الجَنّةِ وأحْسَنُها وأرْفَعُها » .
حدثني محمد بن مرزوق ، قال : حدثنا روح بن عبادة ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم ، قال للربيع ابنة النضر : «يا أُمّ حارثَةَ ، إنّها جِنانٌ ، وإنّ ابْنَكِ أصَابَ الفِرْدَوْسَ الأعْلَى » . والفردوس : ربوة الجنة وأوسطها وأفضلها .
وقوله : نُزُلاً يقول : منازل ومساكن ، والمنزل : من النزول ، وهو من نزول بعض الناس على بعض . وأما النّزْل : فهو الرّيْع ، يقال : ما لطعامكم هذا نَزْل ، يراد به الرّيْع ، وما وجدنا عندكم نزلاً : أي نزولاً .
لما فرغ من ذكر الكفرة والأخسرين أعمالاً الضالين ، عقب بذكر حالة المؤمنين ليظهر التباين ، وفي هذا بعث النفوس على اتباع الحسن القويم ، واختلف المفسرون في { الفردوس } فقال قتادة إنه أعلى الجنة وربوتها ، وقال أبو هريرة إنه جبل تنفجر منه أنهار الجنة ، وقال أبو أمامة ، إنه ُسَّرة الجنة ، ووسطها ، وروى أبو سعيد الخدري أنه تنفجر منه أنهار الجنة ، وقال عبد الله بن الحارث بن كعب إنه جنات الكرم والأعناب خاصة من الثمار ، وقاله كعب الأحبار ، واستشهد قوم لذلك بقول أمية بن أبي الصلت : [ البسيط ]
كانت منازلهم إذ ذاك ظاهرة . . . فيها الفراديس والفومان والبصل{[7906]}
وقال الزجاج قيل إن { الفردوس } سريانية ، وقيل رومية ، ولم يسمع ب { الفردوس } في كلام العرب إلا في بيت حسان : [ الطويل ]
وإن ثواب الله كل موحد . . . جنان من الفردوس فيها يخلد{[7907]}
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال «إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس »{[7908]} ، وقالت فرقة { الفردوس } البستان بالرومية ، وهذا اقتضاب القول في { الفردوس } وعيون ما قيل ، وقوله { نزلاً } يحتمل الوجهين اللذين قدمناهما قبل .
هذا مقابل قوله : { إنا أعتدنا جهنم للكافرين نزلاً } على عادة القرآن في ذكر البشارة بعد الإنذار .
وتأكيد الجملة للاهتمام بها لأنها جاءت في مقابلة جملة { إنا أعتدنا جهنم للكافرين نزلا ، } وهي مؤكدة كي لا يظن ظانّ أن جزاء المؤمنين غير مهتم بتأكيده مع ما في التأكيديْن من تقوية الإنذار وتقوية البشارة .
وجعل المسند إليه الموصولَ بصلة الإيمان وعمل الصالحات للاهتمام بشأن أعمالهم ، فلذلك خولف نظم الجملة التي تقابلها فلم يقل : جزاؤهم الجنّة . وقد تقدّم نظير هذا الأسلوب في المخالف بين وصف الجزاءَين عند قوله تعالى في هذه السورة : { إنا أعتدنا للظالمين ناراً أحاط بهم سرادقها } [ الكهف : 29 ] } ثم قوله : { إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملاً } [ الكهف : 30 ] .
وفي الإتيان ب { فَكانت } دلالة على أن استحقاقهم الجنّات أمر مستقر من قبل مهيّأ لهم .
وجيء بلام الاستحقاق تكريماً لهم بأنهم نالوا الجنة باستحقاق إيمانهم وعملهم . كما قال تعالى : { وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون } [ الزخرف : 72 ] .
وجمع الجنّات إيماء إلى سعة نعيمهم ، وأنها جنان كثيرة كما جاء في الحديث : « إنها جنان كثيرة » .
والفردوس : البستان الجامع لكل ما يكون في البساتين ، وعن مجاهد هو معرّب عن الرومية . وقيل عن السريانية . وقال الفراء : هو عربي ، أي ليس معرباً . ولم يرد ذكره في كلام العرب قبل القرآن . وأهل الشام يقولون للبساتين والكروم : الفراديس . وفي مدينة حلب باب يسمّى باب الفراديس .
وإضافة الجنات إلى الفردوس بيانية ، أي جنات هي من صنف الفردوس . وورد في الحديث أن الفردوس أعلى الجنّة أو وسط الجنّة . وذلك إطلاق آخر على هذا المكان المخصوص يرجع إلى أنه علم بالغلبة .
فإن حُملت هذه الآية عليه كانت إضافة { جنات } إلى { الفردوس } إضافة حقيقية ، أي جنات هذا المكان .