قوله تعالى : { إِنَّ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات } الآية .
لما ذكر وعيد الكفَّار ، ونزلهم ، أتبعه بوعيدِ المؤمنين ونزلهم . قال قتادة : الفِرْدَوس : وسطُ الجنَّة ، وأفضلها .
وعن كعبٍ : ليس في الجنانِ أعلى من جنَّة الفردوس ، وفيها الآمرون بالمعروف ، والنَّاهون عن المنكر .
وعن مجاهدٍ : الفردوسُ : هو البستان ، بالرومية .
وقال عكرمة : هو الجنَّة بلسان الحبش .
وقال الزجاج : هو بالروميَّة منقولٌ إلى لفظ العربيَّة .
وقال الضحاك : هي الجنَّة الملتفَّة الأشجارِ{[21359]} .
وقيل : هي التي تنبت ضروباً من النَّبات .
وقيل : الفردوس : الجنَّة من الكرم خاصَّة .
وقيل : كلُّ ما حُوِّط عليه ، فهو فردوس .
وقال المبرِّد : الفردوس فيما سمعتُ من العرب : الشَّجرُ الملتفُّ ، والأغلب عليه : أن يكون من العنب ، واختلفوا فيه :
فقيل : هو عربيٌّ ، وقيل : هو أعجميٌّ ، وقيل : هو روميٌّ ، أو فارسيٌّ ، أو سرياني ، قيل : ولم يسمعْ في كلام العرب إلاَّ في قول{[21360]} حسَّان : [ الطويل ]
وإنَّ ثَوابَ الله كُلَّ مُوحِّدٍ *** جِنَانٌ من الفِرْدوس فيهَا يُخُلَّدُ{[21361]}
وهذا ليس بصحيح ؛ لأنَّه سمع في شعر أميَّة بن أبي الصَّلت : [ البسيط ]
كَانَتْ مَنازِلهُمْ إذ ذَاكَ ظَاهِرةً *** فيهَا الفَراديسُ ثمَّ الثُّومُ والبَصَلُ{[21362]}
ويقال : كرمٌ مفردسٌ ، أي : معرِّش ، ولهذا سمِّيت الروضة التي دون اليمامةِ فردوساً .
وإضافة جنَّاتٍ إلى الفردوس إضافة تبيينٍ ، وجمعه فراديسُ ؛ قال - عليه الصلاة والسلام- : " في الجنَّة مائةُ درجةٍ ما بَيْنَ كلِّ درجةٍ مسيرةُ مائة عام ، والفِردوسُ أعلاها درجةً ، وفيها الأنهارُ الأربعة ، والفِرْدَوسُ من فَوْقِهَا ، فإذا سَألتمُ الله تعالى ، فاسْألُوهُ الفِرْدوسَ ؛ فإنَّ فوقها عَرْشُ الرَّحمنِ ، ومِنْهَا تُفجَّرُ أنهارُ الجنَّة " {[21363]} .
قوله : " نُزُلاً " : فيه ما تقدَّم : من كونه اسم مكان النزول ، أو ما يعدُّ للضَّيف ، وفي نصبه وجهان :
أحدهما : أنه خبر " كَانَتْ " و " لهُمْ " متعلقٌ بمحذوفٍ على أنَّه حال من " نُزلاً " أو على البيان ، أو ب " كَانَتْ " عند من يرى ذلك .
والثاني : أنه حالٌ من " جنَّات " أي : ذوات نُزُلٍ ، والخبر الجارُّ .
وإذا قلنا بأنَّ النُّزل هو ما يهيَّأ للنَّازل ، فالمعنى : كانت لهم ثمارٌ جنَّات الفردوس ، ونعيمها نزلاً ، ومعنى " كَانتْ لَهُمْ " أي : في علم الله قبل أن يخلقوا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.