فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ كَانَتۡ لَهُمۡ جَنَّـٰتُ ٱلۡفِرۡدَوۡسِ نُزُلًا} (107)

{ إن الذين أمنوا وعملوا الصالحات } أي جمعوا بينهما حتى كانوا على ضد صفة من قبلهم { كانت لهم } فيما سبق من علم الله لأهل طاعته قاله ابن الأنباري { جنات الفردوس نزلا } قال المبرد :الفردوس فيما سمعت من كلام العرب الشجر الملتف والأغلب عليه العنب ، واختار الزجاج ما قاله مجاهد أن الفردوس البستان باللغة الرومية ، وقيل كل ما حوط فهو فردوس والجمع فراديس .

وحكى الزجاج : أنها الأودية التي تنبت ضروبا من النبت فقيل هو عربي وقيل أعجمي وقيل فارسي وقيل سرياني ، وقد تقدم بيان النزل ، والمعنى كانت لهم ثمار جنة الفردوس نزلا معدا لهم مبالغة في إكرامهم .

أخرج الطبراني والحاكم وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وغيرهم عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : سلوا الله الفردوس فإنها سرة الجنة وإن أهل الفردوس يسمعون أطيط العرش{[1142]} .

وفي الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه وسط الجنة وأعلى الجنة وفوقه عرش الرحمان ومنه تفجر أنهار الجنة{[1143]} .

وأخرج الترمذي وأحمد والحاكم والبيهقي وعبد بن حميد عن عبادة بن الصامت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن في الجنة مائة درجة كل درجة منها ما بين السماء والأرض ، الفردوس أعلاها درجة ومن فوقها يكون العرش ومنه تفجر أنهار الجنة الأربعة فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس{[1144]} .

وعن السدي هو الكرم بالنبطية ، وقال كعب : هي جنات الأعناب بالسريانية وعنه ليس في الجنان جنة أعلى من جنة الفردوس فيها الآمرون بالمعرف والناهون عن المنكر .

وقال قتادة : الفردوس ربوة الجنة وأوسطها وأوسعها وأفضلها وأرفعها وقيل : هي الجنة الملتفة بالأشجار التي تنبت ضروبا من النبات ، والأحاديث بهذا المعنى كثيرة وقد أوضحنا ما جاء في الجنان كلها ونعيمها من الأحاديث والآثار في كتاب سميناه مثير ساكن الغرام إلى روضات دار السلام .


[1142]:المستدرك كتاب التفسير 2/371.
[1143]:الإمام أحمد 2/335-2/339 ولم أجده في الصحيحين.
[1144]:الترمذي كتاب الجنة باب4.