{ 45 - 49 } { ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ * إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا عَالِينَ * فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ * فَكَذَّبُوهُمَا فَكَانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ * وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ }
مر عليَّ منذ زمان طويل كلام لبعض العلماء لا يحضرني الآن اسمه ، وهو أنه بعد بعث موسى ونزول التوراة ، رفع الله العذاب عن الأمم ، أي : عذاب الاستئصال ، وشرع للمكذبين المعاندين الجهاد ، ولم أدر من أين أخذه ، فلما تدبرت هذه الآيات ، مع الآيات التي في سورة القصص ، تبين لي وجهه ، أما هذه الآيات ، فلأن الله ذكر الأمم المهلكة المتتابعة على الهلاك ، ثم أخبر أنه أرسل موسى بعدهم ، وأنزل عليه التوراة فيها الهداية للناس ، ولا يرد على هذا ، إهلاك فرعون ، فإنه قبل نزول التوراة ، وأما الآيات التي في سورة القصص ، فهي صريحة جدا ، فإنه لما ذكر هلاك فرعون قال : { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } فهذا صريح أنه آتاه الكتاب بعد هلاك الأمم الباغية ، وأخبر أنه أنزله بصائر للناس وهدى ورحمة ، ولعل من هذا ، ما ذكر الله في سورة " يونس " من قولة : { ثم بعثنا من بعده } أي : من بعد نوح { رسلا إلى قومهم فجاءوهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل كذلك نطبع على قلوب المعتدين* ثم بعثنا من بعدهم موسى وهارون } الآيات والله أعلم .
فقوله : { ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى } بن عمران ، كليم الرحمن { وَأَخَاهُ هَارُونَ } حين سأل ربه أن يشركه في أمره فأجاب سؤله .
{ بِآيَاتِنَا } الدالة على صدقهما وصحة ما جاءا به { وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ } أي : حجة بينة ، من قوتها ، أن تقهر القلوب ، وتتسلط عليها لقوتها فتنقاد لها قلوب المؤمنين ، وتقوم الحجة البينة على المعاندين ، وهذا كقوله { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ } ولهذا رئيس المعاندين عرف الحق وعاند { فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ } أي : بتلك الآيات البينات { فَقَالَ له فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا } ف { قال } موسى { قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا } وقال تعالى : { وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا } وقال هنا : { ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ*
ثم ساق - سبحانه - بعد ذلك جانباً من قصة موسى وهارون - عليهما السلام - فقال : { ثُمَّ أَرْسَلْنَا موسى وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ إلى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فاستكبروا وَكَانُواْ قَوْماً عَالِينَ } .
أى : ثم أرسلنا من بعد أولئك الأقوام المهلكين الذين جعلناهم أحاديث { موسى وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا } الدالة على قدرتنا ، وهى الآيات التسع وهى : العصا ، واليد ، والسنون ، والبحر ، والطوفان ، والجراد ، والقمل ، والضفادع ، والدم .
وزودناه مع هذه الآيات العظيمة بسلطان مبين ، أى : بحجة قوية واضحة ، تحمل كل عاقل على الإيمان به ، وعلى الاستجابة له .
ثم يجمل قصة موسى في الرسالة والتكذيب لتتمشى مع نسق العرض وهدفه المقصود :
ثم أرسلنا موسى وأخاه هارون بآياتنا وبسلطان مبين ، إلى فرعون وملئه فاستكبروا وكانوا قوما عالين . فقالوا : أنؤمن لبشرين مثلنا وقومهما لنا عابدون ? فكذبوهما فكانوا من المهلكين .
ويبرز في هذا الاستعراض الاعتراض ذاته على بشرية الرسل : ( فقالوا : أنؤمن لبشرين مثلنا ) . ويزيد عليه تلك الملابسة الخاصة بوضع بني إسرائيل في مصر : ( وقومهما لنا عابدون )مسخرون خاضعون . وهي أدعى - في اعتبار فرعون وملئه - إلى الاستهانة بموسى وهارون !
فأما آيات الله التي معهما ، وسلطانه الذي بأيديهما ، فكل هذا لا إيقاع له في مثل تلك القلوب المطموسة ، المستغرقة في ملابسات هذه الأرض ، وأوضاعها الباطلة ، وقيمها الرخيصة .
القول في تأويل قوله تعالى : { ثُمّ أَرْسَلْنَا مُوسَىَ وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مّبِينٍ * إِلَىَ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْماً عَالِينَ } .
يقول تعالى ذكره : ثم أرسلنا بعد الرسل الذين وصف صفتهم قبل هذه الاَية ، موسى وأخاه هارون إلى فرعون وأشراف قومه من القبط بآياتِنَا يقول : بحججنا ، فاسْتَكْبَرُوا عن اتّباعها والإيمان بما جاءهم به من عند الله . وكانُوا قَوْما عالِينَ يقول : وكانوا قوما عالين على أهل ناحيتهم ومن في بلادهم من بني إسرائيل وغيرهم بالظلم ، قاهرين لهم .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، وقوله : وكانُوا قَوْما عالِينَ قال : عَلَوا على رسلهم وعصَوا ربهم ذلك علوّهم . وقرأ : تِلكَ الدّارُ الاَخِرَةُ… الاَية .
{ ثم أرسلنا موسى وأخاه هارون بآياتنا } بالآيات التسع . { وسلطان مبين } وحجة واضحة ملزمة للخصم ، ويجوز أن يراد به العصا وأفرادها لأنها أول المعجزات وأمها ، تعلقت بها معجزات شتى : كانقلابها حية وتلقفها ما أفكته السحرة ، وانفلاق البحر وانفجار العيون من الحجر بضربهما بها ، وحراستها ومصيرها شمعة وشجرة خضراء مثمرة ورشاء ودلوا ، وأن يراد به المعجزات وبالآيات الحجج وأن يراد بهما المعجزات فإنها آيات للنبوة وحجة بينة على ما يدعيه النبي صلى الله عليه وسلم .
{ ثم } هنا على بابها لترتيب الأمور واقتضاء المهلة ، و «الآيات » التي جاء بها { موسى } و { هارون } هي اليد والعصا اللتان اقترن بهما التحدي وهما «السلطان المبين » ، ويدخل في عموم اللفظ سائر آياتهما كالبحر والمرسلات الست{[8490]} ، وأما غير ذلك مما جرى بعد الخروج من البحر فليست تلك لفرعون بل هي خاصة ببني إسرائيل .
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
يقول تعالى ذكره: ثم أرسلنا بعد الرسل الذين وصف صفتهم قبل هذه الآية، موسى وأخاه هارون إلى فرعون وأشراف قومه من القبط "بآياتِنَا "يقول: بحججنا، "فاسْتَكْبَرُوا" عن اتّباعها والإيمان بما جاءهم به من عند الله. "وكانُوا قَوْما عالِينَ" يقول: وكانوا قوما عالين على أهل ناحيتهم ومن في بلادهم من بني إسرائيل وغيرهم بالظلم، قاهرين لهم.
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
فإن قلت: ما المراد بالسلطان المبين؟
قلت: يجوز أن تراد العصا، لأنها كانت أمّ آيات موسى وأُولاها، وقد تعلقت بها معجزات شتى... ويجوز أن تراد الآيات أنفسها، أي: هي آيات وحجّة بيّنة.
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
{ثم} هنا على بابها لترتيب الأمور واقتضاء المهلة، و «الآيات» التي جاء بها {موسى} و {هارون} هي اليد والعصا اللتان اقترن بهما التحدي وهما «السلطان المبين»،ويدخل في عموم اللفظ سائر آياتهما كالبحر والمرسلات الست، وأما غير ذلك مما جرى بعد الخروج من البحر فليست تلك لفرعون بل هي خاصة ببني إسرائيل.
القصة الرابعة: قصة موسى عليه السلام.
اختلفوا في {الآيات} فقال ابن عباس رضي الله عنهما هي الآيات التسع وهي العصا واليد والجراد والقمل والضفادع والدم وانفلاق البحر والسنون والنقص من الثمرات، وقال الحسن قوله: {بآياتنا} أي بديننا واحتج بأن المراد بالآيات لو كانت هي المعجزات والسلطان المبين أيضا هو المعجز فحينئذ يلزم عطف الشيء على نفسه والأقرب هو الأول؛ لأن لفظ الآيات إذا ذكر في الرسل فالمراد منها المعجزات...
يجوز أن يكون المراد بالآيات نفس تلك المعجزات وبالسلطان المبين كيفية دلالتها على الصدق، وذلك لأنها وإن شاركت سائر آيات الأنبياء في كونها آيات فقد فارقتها في قوة دلالتها على قوة موسى عليه السلام...
واعلم أن الآية تدل على أن معجزات موسى عليه السلام كانت معجزات هارون عليه السلام أيضا، وأن النبوة كما أنها مشتركة بينهما فكذلك المعجزات.
تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :
يخبر تعالى أنه بعث رسوله موسى، عليه السلام، وأخاه هارون إلى فرعون وملئه، بالآيات والحجج الدامغات، والبراهين القاطعات، وأن فرعون وقومه استكبروا عن اتباعهما، والانقياد لأمرهما، لكونهما بَشرين كما أنكرت الأمم الماضية بعثة الرسل من البشر، تشابهت قلوبهم، فأهلك الله فرعون وملأه، وأغرقهم في يوم واحد أجمعين.
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
ولما كان آل فرعون قد أنكروا الإيمان لبشر مثلهم كما قال من تقدم ذكره من قوم نوح والقرن الذي بعدهم، وكانوا أترف أهل زمانهم، وأعظمهم قوة، وأكثرهم عدة، وكانوا يستعبدون بني إسرائيل، وكان قد نقل إلينا من الآيات التي أظهر رسولهم ما لم ينقل إلينا مثله لمن تقدمه، صرح سبحانه بهم، وكأن الرسالة إليهم كانت بعد فترة طويلة، فدل عليها بحرف التراخي فقال: {ثم أرسلنا} أي بما لنا من العظمة {موسى} وزاد في التسلية بقوله: {وأخاه هارون} أي عاضداً له وبياناً لأن إهلاك فرعون وآله جميعاً مع إنجاء الرسولين معاً ومن آمن بهما لإرادة الواحد القهار لإفلاح المؤمنين وخيبة الكافرين {بآياتنا} أي المعجزات، بعظمتنا لمن يباريها {وسلطان مبين} أي حجة ملزمة عظيمة واضحة، وهي حراسته وهو وحده، وأعلاه على كل من ناواه وهم مع قوتهم ملء الأرض وعجزهم عن كل ما يرومونه من كيده، وهذه وإن كانت من جملة الآيات لكنها أعظمها، وهي وحدها كافية في إيجاب التصديق.
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي 1376 هـ :
فلما تدبرت هذه الآيات، مع الآيات التي في سورة القصص، تبين لي وجهه، أما هذه الآيات، فلأن الله ذكر الأمم المهلكة المتتابعة على الهلاك، ثم أخبر أنه أرسل موسى بعدهم، وأنزل عليه التوراة فيها الهداية للناس، ولا يرد على هذا، إهلاك فرعون، فإنه قبل نزول التوراة، وأما الآيات التي في سورة القصص، فهي صريحة جدا، فإنه لما ذكر هلاك فرعون قال: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} فهذا صريح أنه آتاه الكتاب بعد هلاك الأمم الباغية، وأخبر أنه أنزله بصائر للناس وهدى ورحمة، ولعل من هذا، ما ذكر الله في سورة "يونس "من قولة: {ثم بعثنا من بعده} أي: من بعد نوح {رسلا إلى قومهم فجاءوهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل كذلك نطبع على قلوب المعتدين* ثم بعثنا من بعدهم موسى وهارون} الآيات والله أعلم. فقوله: {ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى} بن عمران، كليم الرحمن {وَأَخَاهُ هَارُونَ} حين سأل ربه أن يشركه في أمره فأجاب سؤله. {بِآيَاتِنَا} الدالة على صدقهما وصحة ما جاءا به {وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ} أي: حجة بينة، من قوتها، أن تقهر القلوب، وتتسلط عليها لقوتها فتنقاد لها قلوب المؤمنين، وتقوم الحجة البينة على المعاندين...
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
الآيات: المعجزات، وإضافتها إلى ضمير الجلالة للتنويه بها وتعظيمها. والسلطان المبين: الحجة الواضحة التي لقنها الله موسى فانتهضت على فرعون وملئه. والباء للملابسة، أي بعثناه ملابساً للمعجزات والحجة.
زهرة التفاسير - محمد أبو زهرة 1394 هـ :
{وسلطان مبين} أي بحجة باهرة، فالسلطان في لغة القرآن يطلق على الحجة، ولأن الحجة سلطان الداعي وقوته، ولا قوة لمن لا حجة له ولو كان فرعون، ووصف الله تعالى السلطان بأنه {مبين}، أي واضح بين من حيث الحجية، إذ إنه غير قابل للنقض، ومعلوم معروف، لأنه غير قابل للإنكار.
تكررت قصة موسى- عليه السلام- كثيرا ومعه أخوه هارون، كما قال: {اشدد به أزري (31) وأشركه في أمري (32)} [طه]: والبعض يظن أن موسى جاء برسالة واحدة، لكنه جاء برسالتين: رسالة خاصة إلى فرعون ملخصها: {فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم.. (47)} [طه]. وجاء له بمعجزات تثبت صدق رسالته من الله، ولم يكن جدال موسى لفرعون في مسألة الإيمان جزءا من هذه الرسالة، إنما جاء هكذا عرضا في المناقشة التي دارت بينهما. والرسالة الأخرى هي رسالته إلى بني إسرائيل متمثلة في التوراة.
وقوله: {بآياتنا} قلنا: إن الآيات جمع آية، وهي الشيء العجيب الملفت للنظر الفائق على نظرائه وأقرانه، والذي يكرم ويفتخر به. والآيات إما كونية دالة على قدرة الله في الخلق كالشمس والقمر.. الخ كما قال سبحانه: {ومن آياته الليل والنهار.. (37)} [فصلت]. ومهمة هذه الآيات الكونية أن تلفت نظر المخلوق إلى بديع صنع الخالق وضرورة الإيمان به، فمنها نعلم أن وراء الكون البديع خالقا وقوة تمده وتديره، فمن يمد هذه الشمس بهذه القوة الهائلة؟ إن التيار الكهربائي إذا انقطع تطفأ هذه اللمبة، فمن خلق الشمس من عدم، وأمدها بالطاقة من عدم؟. إذن: وراء هذا الكون قوة ما هي؟ وماذا تطلب منا؟ وهذه مهمة الرسول أن يبلغنا، ويجيب لنا عن هذه الأسئلة. وتطلق الآية أيضا على المعجزة التي تثبت صدق الرسول في البلاغ عن الله. وتطلق الآية على آيات القرآن الحاملة للأحكام والحاوية لمنهج الله إلى خلقه. ثم يقول تعالى: {وسلطان مبين} فعطف {سلطان مبين} على {بآياتنا} وهذا من عطف الصفة على الموصوف لمزيد اختصاص، لأن الآيات هي السلطان، فالسلطان: الحجة. والحجة على الوجود الأعلى آيات الكون، والحجة على صدق الرسول المعجزات، والحجة على الأحكام الآيات الحاملة لها. وسمى معجزة موسى عليه السلام (العصا) سلطانا مبينا أي: محيطا، لأنها معجزة متكررة رأينا لها عدة حالات: فهذه العصا الجافة مرة تنقلب إلى حية تلقف الحيات، ومرة يضرب بها البحر فينفلق، ومرة يضرب بها الحجر فيتفجر منه الماء، وفوق ذلك قال عنها: {ولي فيها مآرب أخرى (18)} [طه]: ومن معاني السلطان: القهر على عمل شيء أو الإقناع بالحجة لعمل هذا الشيء...
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
هناك تفاسير عديدة لما تقصده كلمة «الآيات» وعبارة (سلطان مبين) وما الفرق بينهما؟ 1 قال بعض المفسّرين: إنّ «الآيات» تعني المعجزات التي أعطاها الله لموسى بن عمران (الآيات التسع). وتقصد عبارة «سلطان مبين» المنطق القوي والبرهان الدافع لموسى (عليه السلام) أمام الفراعنة. 2 التّفسير الثّاني أنّ «الآيات» تعني جميع معاجز موسى (عليه السلام)، ويقصد بعبارة (سلطان مبين) بعض معاجز موسى المهمّة كعصاه واليد البيضاء، لأنّ لهما خصائص ساعدت موسى على الانتصار على الفراعنة. 3 واحتمل البعض أنّ كلمة «الآيات» إشارات إلى آيات «التوراة»، وبيان التعاليم وما شاكل ذلك، وعبارة «سلطان مبين» إشارة إلى معجزات موسى (عليه السلام). إلاّ أنّه لو لاحظنا استعمالات عبارة «سلطان مبين» في القرآن المجيد لوجدنا التّفسير الأوّل أقرب إلى الصواب، لأنّ كلمة «سلطان» أو «سلطان مبين» وردت في القرآن بمعنى الدليل والمنطق الواضح.