السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{ثُمَّ أَرۡسَلۡنَا مُوسَىٰ وَأَخَاهُ هَٰرُونَ بِـَٔايَٰتِنَا وَسُلۡطَٰنٖ مُّبِينٍ} (45)

القصة الرابعة : قصة موسى وهارون عليهما السلام المذكورة في قوله تعالى : { ثم أرسلنا } أي : بما لنا من العظمة { موسى وأخاه هارون بآياتنا } قال ابن عباس : الآيات التسع وهي العصا واليد والجراد والقمل والضفادع والدم والبحر والسنين ونقص الثمرات { وسلطان مبين } أي : حجة بيّنة وهي العصا وأفردها بالذكر ؛ لأنها قد تعلق بها معجزات شتى من انقلابها حية وتلقفها ما أفكته السحرة وانفلاق البحر وانفجار العيون من الحجر بضربها ، وكونها حارساً وشمعة وشجرة خضراء مثمرة ودلواً ورشاء ، فجعلت كأنها ليست بعصا لما استبدت به من الفضائل فلذلك عطفت عليها كقوله تعالى : { من كان عدوّاً لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال } [ البقرة ، 98 ] ، ويجوز أنّ يراد بالآيات نفس تلك المعجزات وبالسلطان المبين كيفية دلالتها على الصدق وذلك لأنها وإن شاركت آيات سائر الأنبياء في كونها آيات ، فقد فارقتها في قوّة دلالتها على قول موسى عله السلام ، وإنّ يراد بالسلطان المبين المعجزات وبالآيات الحجج ، وإنّ يراد بها المعجزات فإنها آيات النبوّة وحجة بينة على ما يدعيه النبي ، قال الرازي : واعلم أنّ الآية تدل على أنّ معجزات موسى كانت معجزات هارون أيضاً وأنّ النبوّة كما كانت مشتركة بينهما ، فكذلك المعجزات .