وأما قوله : { ذَلِكَ بِمَا قَدّمَتْ أيْدِيكُمْ } : أي قولنا لهم يوم القيامة : ذوقوا عذاب الحريق بما أسلفت أيديكم ، واكتسبتها أيام حياتكم في الدنيا ، وبأن الله عدل لا يجور ، فيعاقب عبدا له بغير استحقاق منه العقوبة ، ولكنه يجازي كلّ نفس بما كسبت ، ويوفي كل عامل جزاء ما عمل ، فجازى الذين قال لهم يوم القيامة من اليهود الذين وصف صفتهم ، فأخبر عنهم أنهم قالوا : إن الله فقير ونحن أغنياء ، وقتلوا الأنبياء بغير حقّ ، بما جازاهم به من عذاب الحريق ، بما اكتسبوا من الاَثام ، واجترحوا من السيئات ، وكذبوا على الله بعد الإعذار إليهم بالإنذار ، فلم يكن تعالى ذكره بما عاقبهم به من إذاقتهم عذاب الحريق ظالما ولا واضعا عقوبته في غير أهلها ، وكذلك هو جلّ ثناؤه غير ظلام أحدا من خلقه ، ولكنه العادل بينهم ، والمتفضل على جميعهم بما أحبّ من فواضله ونعمه .
وقوله تعالى : { ذلك بما قدمت أيديكم } توبيخ وتوقيف داخل فيما يقال لهم يوم القيامة ، ويحتمل أن يكون خطاباً لمعاصري النبي عليه السلام يوم نزول الآية ، ونسب هذا التقديم إلى اليد إذ هي الكاسبة للأعمال في غالب أمر الإنسان ، فأضيف كل كسب إليها ، ثم بين تعالى : أنه يفعل هذا بعدل منه فيهم ووضع الشيء موضعه ، والتقدير : وبأن الله { ليس بظلام للعبيد } وجمع «عبداً » في هذه الآية على عبيد ، لأنه مكان تشفيق وتنجية من ظلم{[3753]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.