المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَقَالَ مُوسَىٰٓ إِن تَكۡفُرُوٓاْ أَنتُمۡ وَمَن فِي ٱلۡأَرۡضِ جَمِيعٗا فَإِنَّ ٱللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ} (8)

8- وقال موسى لقومه - حينما عاندوا وجحدوا - : إن تجحدوا نعم الله ولا تشكروها بالإيمان والطاعة ، أنتم وجميع من في الأرض ، فإن ذلك لن يضر الله شيئا ، لأن الله غنى عن شكر الشاكرين ، مستوجب الحمد بذاته ، وإن لم يحمده أحد .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَقَالَ مُوسَىٰٓ إِن تَكۡفُرُوٓاْ أَنتُمۡ وَمَن فِي ٱلۡأَرۡضِ جَمِيعٗا فَإِنَّ ٱللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ} (8)

قوله تعالى : { وقال موسى إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعاً فإن الله لغني حميد } ، أي : غني عن خلقه ، حميد محمود في أفعاله ، لأنه فيها متفضل وعادل .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَقَالَ مُوسَىٰٓ إِن تَكۡفُرُوٓاْ أَنتُمۡ وَمَن فِي ٱلۡأَرۡضِ جَمِيعٗا فَإِنَّ ٱللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ} (8)

ثم بين - سبحانه - أن موسى قد أخبر قومه أن ضرر كفرهم إنما يعود عليهم ، لأن الله - تعالى - غنى عن العالمين فقال - تعالى - : { وَقَالَ موسى إِن تكفروا أَنتُمْ وَمَن فِي الأرض جَمِيعاً فَإِنَّ الله لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ } .

أى : وقال موسى - عليه السلام - لقومه : إن تجحدوا نعم الله أنتم ومن فى الأرض جميعا من الخلائق ، فلن تضروا الله شيئا ، وإنما ضرر ذلك يعود على الجاحد لنعمه ، والمنحرف عن طريقه ، فإن الله - تعالى - لغنى عن شكركم وشكرهم ، مستحق للحمد من جميع المخلوقين طوعا وكرها .

ويبدو من سياق الآية الكريمة أن موسى - عليه السلام - إنما قال لقومه ذلك ، بعد أن شاهد منهم علامات الإِصرار على الكفر والفساد ، وترجح لديه أنهم قوم لا ينفعهم الترغيب ولا لتعريض بالترهيب ، ولمس منهم أنهم يمنون عليه أو على الله - تعالى - بطاعاتهم فأراد بهذا القول أن يزجرهم عن الإِدلال بإيمانهم ، والمن بطاعتهم .

فالغرض الذى سبقت له الآية إنما هو بيان أن منفعة الطاعة والشكر والإِيمان إنما تعود على الطائعين الشاكرين المؤمنين ، وأن مضرة الجحود والكفران إنما تعود على الجاحدين الكافرين . أما الله - تعالى - فلن تنفعه طاعة المطيع ، ولن تضره معصية العاصى .

ففى الحديث القدسى الذى رواه الإِمام مسلم فى صحيحه عن أبى ذر الغفارى ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه - عز وجل - أنه قال : " يا عبادى لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك فى ملكى شيئا .

يا عبادى لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكى شيئا .

يا عبادى لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا على صعيد واحد فسألونى فأعطيت كل إنسان مسألته ، ما نقص ذلك مما عندى إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر " .

وبذلك نرى الآيات الكريمة قد زخرت بالتوجيهات القرآنية الحكيمة ، التى ساقها الله - تعالى - على لسان موسى - عليه السلام - وهو يعظ قومه ، ويذكرهم بأيام الله ، وبسننه فى خلقه ، وبغناه عنهم . . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَقَالَ مُوسَىٰٓ إِن تَكۡفُرُوٓاْ أَنتُمۡ وَمَن فِي ٱلۡأَرۡضِ جَمِيعٗا فَإِنَّ ٱللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ} (8)

وقوله تعالى : { وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الأرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ } أي : هو غني عن شكر عباده ، وهو الحميد المحمود ، وإن كفره من كفره ، كما قال : { إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ } [ الزمر : 7 ] وقال تعالى : { فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى اللَّهُ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ } [ التغابن : 6 ] .

وفي صحيح مسلم ، عن أبي ذر ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه ، عز وجل ، أنه قال : " يا عبادي ، لو أن أولكم وآخركم ، وإنسكم وجنكم ، كانوا على أتقى قلب رجل منكم ، ما زاد ذلك في ملكي شيئا . يا عبادي ، لو أن أولكم وآخركم ، وإنسكم وجنكم ، كانوا على أفجر قلب رجل منكم ، ما نقص ذلك في{[15758]} ملكي شيئا . يا عبادي ، لو أن أولكم وآخركم ، وإنسكم وجنكم ، قاموا في صعيد واحد ، فسألوني ، فأعطيت كل إنسان مسألته ، ما نقص ذلك من ملكي شيئًا ، إلا كما ينقُص المخْيَط إذا أدخل في البحر " . فسبحانه وتعالى الغني الحميد{[15759]} .


[15758]:- في ت، أ : "من".
[15759]:- صحيح مسلم برقم (2577).
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَقَالَ مُوسَىٰٓ إِن تَكۡفُرُوٓاْ أَنتُمۡ وَمَن فِي ٱلۡأَرۡضِ جَمِيعٗا فَإِنَّ ٱللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ} (8)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَقَالَ مُوسَىَ إِن تَكْفُرُوَاْ أَنتُمْ وَمَن فِي الأرْضِ جَمِيعاً فَإِنّ اللّهَ لَغَنِيّ حَمِيدٌ } .

يقول تعالى ذكره : وَقالَ مُوسَى لقومه : إنْ تَكْفُرُوا أيها القوم ، فتجحدوا نعمة الله التي أنعمها عليكم أنتم ، ويفعل في ذلك مثل فعلكم مَنْ فِي الأرْضِ جَمِيعا فإنّ اللّهَ لَغَنِيّ عنكم وعنهم من جميع خلقه ، لا حاجة به إلى شكركم إياه على نعمه عند جميعكم ، حَمِيدٌ ذو حمد إلى خلقه بما أنعم به عليهم . كما :

حدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الله بن هاشم ، قال : أخبرنا سيف ، عن أبي رَوق عن أبي أيوب ، عن عليّ : فإنّ اللّهَ لَغَنِيّ قال : غنيّ عن خلقه ، حَمِيدٌ قال : مستحمِد إليهم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَقَالَ مُوسَىٰٓ إِن تَكۡفُرُوٓاْ أَنتُمۡ وَمَن فِي ٱلۡأَرۡضِ جَمِيعٗا فَإِنَّ ٱللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ} (8)

وقوله : { وقال موسى } الآية ، في هذه الآية تحقير للمخاطبين - بشرط كفرهم - وتوبيخ ، وذلك بين من الصفتين اللتين وصف بهما نفسه تعالى في آخر الآية ، وقوله : { لغني } يتضمن تحقيرهم وعظمته ، إذ له الكمال التام على الإطلاق ، وقوله : { حميد } يتضمن توبيخهم ، وذلك أنه صفة يستوجب المحامد كلها ، دائم كذلك في ذاته لم يزل ولا يزال ، فكفركم أنتم بإله هذه حاله غاية التخلف والخذلان ، وفي قوله أيضاً : { حميد } ما يتضمن أنه ذو آلاء عليكم أيها الكافرون به كان يستوجب بها حمدكم ، فكفركم به مع ذلك أذهب في الضلال ، وهذا توبيخ بين .