السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَقَالَ مُوسَىٰٓ إِن تَكۡفُرُوٓاْ أَنتُمۡ وَمَن فِي ٱلۡأَرۡضِ جَمِيعٗا فَإِنَّ ٱللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ} (8)

ولما بيّن موسى أن الاشتغال بالشكر يوجب تزايد الخيرات في الدنيا والآخرة ، والاشتغال بكفران النعم يوجب العذاب الشديد وحصول الآفات في الدنيا والآخرة بين بعده أن منافع الشكر ومضار الكفران لا تعود إلا إلى صاحب الشكر ، وصاحب الكفران ، وأما المعبود والمشكور فإنه متعال عن أن ينتفع بالشكر أو يستضر بالكفران فلا جرم قال تعالى : { وقال موسى إن تكفروا أنتم } يا بني إسرائيل { ومن في الأرض } وأكده بقوله تعالى : { جميعاً } ، أي : من الثقلين فإنما ضرر ذلك يعود على أنفسكم وحرمتموها الخير كله { فإن الله لغني } عن جميع خلقه فلا يزداد بشكر الشاكرين ولا ينقص بكفر الكافرين { حميد } ، أي : محمود في جميع أفعاله ؛ لأنه فيها متفضل عادل .