المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{كَذَّبَ أَصۡحَٰبُ لۡـَٔيۡكَةِ ٱلۡمُرۡسَلِينَ} (176)

176- هذه قصة شعيب مع أصحاب الأيكة - وهي غَيْضة تنبت ناعم الشجر بقرب مَدْيَن - نزل بها جماعة من الناس وأقاموا بها ، فبعث الله إليهم شعيباً كما بعث إلى مدين ، فكذبوه في دعوته ، وبهذا كانوا منكرين لجميع الرسالات .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{كَذَّبَ أَصۡحَٰبُ لۡـَٔيۡكَةِ ٱلۡمُرۡسَلِينَ} (176)

قوله عز وجل :{ كذب أصحاب الأيكة المرسلين } وهم قوم شعيب عليه السلام ، قرأ العراقيون : الأيكة ها هنا وفي ص بالهمزة وسكون اللام وكسر التاء ، وقرأ الآخرون : ليكة بفتح اللام والتاء غير مهموز ، جعلوها اسم البلدة وهو لا ينصرف ، ولم يختلفوا في سورة الحجر وق أنهما مهموزان مكسوران ، والأيكة : الغيضة من الشجر الملتف .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{كَذَّبَ أَصۡحَٰبُ لۡـَٔيۡكَةِ ٱلۡمُرۡسَلِينَ} (176)

ثم جاءت فى نهاية هذه القصص ، قصة شعيب - عليه السلام - مع قومه . فقال - تعالى - : { كَذَّبَ أَصْحَابُ . . . } .

الأيكة : منطقة مليئة بالأشجار ، كانت - فى الغالب - بين الحجاز وفلسطين حول خليج العقبة ، ولعلها المنطقة التى تسمى بمعان .

وشعيب ينتهى نسبه إلى إبراهيم - عليهما السلام - وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذكر شعيبا قال : " ذلك خطيب الأنبياء " لحسن مراجعته لقومه ، وقوة حجته .

وكان قومه أهل كفر وبخس للمكيال والميزان ، وقطع الطريق ، فدعاهم إلى وحدانية الله - تعالى - وإلى مكارم الأخلاق .

قال ابن كثير : " هؤلاء - أعنى أصحاب الأيكة - هم أهل مدين على الصحيح ، وكان نبى الله شعيب من أنفسهم وإنما لم يقل ها هنا : أخوهم شعيب ، لأنهم نسبوا إلى عبادة الأيكة وهى شجرة . وقيل شجر ملتف كالغيضة . كانوا يعبدونها ، فلهذا لما قال : كذب أصحاب الأيكة المرسلين ، لم يقل : إذ قال لهم أخوهم شعيب ، وإنما قال : { إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلاَ تَتَّقُونَ } فقطع نسبة الأخوة بينهم ، للمعنى الذى نسبوا إليه ، وإن كان أخاهم نسبا ، ومن الناس من لم يتفطن لهذه النكتة ، فظن أن أصحاب الأيكة غير أهل مدين ، فزعم أن شعيبا - عليه السلام - بعثه الله إلى أمتين . . . والصحيح أنهم أمة واحدة وصفوا فى كل مقام بشىء ، ولهذا وعظ هؤلاء وأمرهم بوفاء المكيال والميزان ، كما فى قصة مدين سواء بسواء . . . " .

وقد افتتح شعيب - عليه السلام - دعوته لقومه . بأمرهم بتقوى الله - تعالى - وببيان أنه أمين فى تبليغهم ما أمره الله بتبليغه إليهم ، وبمصارحتهم بأنه لا يسألهم أجراً على دعوته إياهم إلى ما يسعدهم .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{كَذَّبَ أَصۡحَٰبُ لۡـَٔيۡكَةِ ٱلۡمُرۡسَلِينَ} (176)

وهذه قصة شعيب - ومكانها التاريخي قبل قصة موسى - تجيء هنا في مساق العبرة كبقية القصص في هذه السورة . وأصحاب الأيكة هم - غالبا - أهل مدين . والأيكة الشجر الكثيف الملتف . ويبدو أن مدين كانت تجاورها هذه الغيضة الوريفة من الأشجار . وموقع مدين بين الحجاز وفلسطين حول خليج العقبة .

وقد بدأهم شعيب بما بدأ به كل رسول قومه من أصل العقيدة والتعفف عن الأجر ،

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{كَذَّبَ أَصۡحَٰبُ لۡـَٔيۡكَةِ ٱلۡمُرۡسَلِينَ} (176)

وقرأ نافع وابن كثير وابن عامر «أصحاب ليكة » على وزن فعلة هنا وفي ص{[8964]} ، وقرأ الباقون «الأيكة » وهي الدوحة الملتفة من الشجر على الإطلاق ، وقيل من شجر معروف له غضارة تألفه الحمام والقماري ونحوها ، وقال قتادة كان شجرهم هذا دوماً ، و { ليكة } اسم البلد في قراءة من قرأ ذلك قاله بعض المفسرين ، ذكره أبو عبيد القاسم بن سلام ، وذهب قوم إلى أنها مسهلة من «الأيكة » وأنها وقعت في المصحف هنا وفي سورة ص بغير ألف ، وقال أبو علي سقوط ذلك من المصحف لا يرجح النطق بها هكذا ، لأن المصحف اتبع فيه تسهيل اللفظ ، فكما سقطت الألف من اللفظ سقطت من الخط نحو سقوط الواو من قوله { سندع الزبانية }{[8964]} [ العلق : 18 ] ، لما سقطت من اللفظ ، وأما ترجيح القراءة في «ليكةَ » بفتح التاء في موضع الجر فلا يقتضيه ما في المصحف وهي قراءة ضعيفة ، ويدل على ضعفها أن سائر القرآن غير هذين الموضعين مجمع فيه على «الأيكة » بالهمزة والألف والخفض .


[8964]:في قوله تعالى في الآية 13: {وثمود وقوم لوط وأصحاب الأيكة أولئك الأحزاب}.
 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{كَذَّبَ أَصۡحَٰبُ لۡـَٔيۡكَةِ ٱلۡمُرۡسَلِينَ} (176)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره:"كَذّبَ أصَحابُ الأَيْكَةِ"، والأيكة: الشجر الملتفّ، وهي واحدة الأيك، وكلّ شجر ملتفّ فهو عند العرب أيكة... وأصحاب الأيكة: هم أهل مَدْيَنَ فيما ذُكر... عن ابن عباس، قوله "كَذّبَ أصَحابُ الأَيْكَةِ المُرْسَلِينَ "يقول: أصحاب الغيضة.

تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :

هؤلاء -أعني أصحاب الأيكة- هم أهل مدين على الصحيح. وكان نبي الله شعيب من أنفسهم، وإنما لم يقل هنا أخوهم شعيب؛ لأنهم نسبوا إلى عبادة الأيكة، وهي شجرة...

كانوا يعبدونها؛ فلهذا لما قال: كذب أصحاب الأيكة المرسلين، لم يقل:"إذ قال لهم أخوهم شعيب"، وإنما قال: {إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ}، فقطع نسبة الأخوة بينهم؛ للمعنى الذي نسبوا إليه، وإن كان أخاهم نسبا. ومن الناس مَنْ لم يتفطن لهذه النكتة، فظن أن أصحاب الأيكة غير أهل مدين...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

والأظهر أن أهل الأيكة قبيلة غير مدين فإن مدين هم أهل نسب شعيب وهم ذرية مَدين بن إبراهيم من زوجه « قطورة» سكَن مدينُ في شرق بلد الخليل كما في التوراة، فاقتضى ذلك أنه وجده بلَداً مأهولاً بقوم فهم إذن أصحاب الأيكة، فبنى مدين وبنُوه المدينةَ وتركوا البادية لأهلها وهم سكان الغيضة. والذي يشهد لذلك ويرجحه أن القرآن لمَّا ذكرَ هذه القصةَ لأهل مدين وصف شعيباً بأنه أخوهم، ولما ذكرها لأصحاب ليكة لم يصف شعيباً بأنه أخوهم إذ لم يكن شعيب نسيباً ولا صهراً لأصحاب ليكة، وهذا إيماء دقيق إلى هذه النكتة. ومما يرجح ذلك قوله تعالى في سورة الحجر (78، 79) {وإن كان أصحاب الأيكة لظالمين فانتقمنا منهم وإنهما لبإمام مبين}، فجعل ضميرهم مثنى باعتبار أنهم مجموع قبيلتين: مدين وأصحاب ليكة.

التيسير في أحاديث التفسير للمكي الناصري 1415 هـ :

ومما يستلفت النظر، ويدل على وحدة الرسالات الإلهية، ووحدة الرسل الذين جاؤوا بها أن كتاب الله استعمل أسلوبا واحدا في حكاية ما خاطب به أولئك الرسل أقوامهم، على اختلاف أزمانهم وتعدد مواطنهم، إذ نجده يحكي عن نوح وهود وصالح ولوط وشعيب في هذه السورة أنهم جميعا عبروا عن نفس المعاني والمقاصد، واستعملوا نفس الطريقة في مخاطبة أقوامهم ودعوتهم إلى الإيمان بالرسالة التي جاؤوا بها من عند الله، إذ قال كل منهم مخاطبا لقومه: {ألا تتقون * إني لكم رسول أمين * فاتقوا الله وأطيعون * وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين} وهذا الخطاب يوضح أن هدف الرسالات الإلهية الأساسي هو وضع حد لما يقع فيه الناس من الانحراف والاستهتار، وإيقاظ ضمائرهم للخروج من تيه الغفلة واللامبالاة وقفص الجحود والإنكار، حتى يقبلوا على إصلاح ما فسد، ويهتموا بترميم ما تداعى للسقوط، ويحيوا حياة إنسانية نظيفة، منسجمة مع إرادة الله، لا تجلب سخطه وإنما تجلب رضاه، وتتحقق بها في الأرض الخلافة عن الله، وهذا هو معنى "التقوى "الذي يدعو إليه كافة الأنبياء والرسل {ألا تتقون}، إذ التقوى في معناه العام هو جعل النفس في "وقاية" مما يخاف منه ويؤذي، لتفادي جميع الأدواء والأسقام، والعيش في هناء وسعادة وسلام،

تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :

وهذا نبيٌّ آخر عاش مع جماعةٍ من الناس في منطقةٍ قريبةٍ من مدين فيها شجرٌ كثيرٌ، وكانوا يمارسون الانحراف الأخلاقي في علاقاتهم الاقتصادية بالناس، فيسيئون إليهم في مسألة التعامل المالي، إذ يأكلون بعض حقوقهم بعد أن يأخذوا لأنفسهم القدر الوافي، ثم يدفعون لهم الناقص. فكانت رسالة شعيب إليهم أن يتقوا الله في ذلك وفي غيره..