فلما نزلت هاتان الآيتان أتت الأعراب رسول الله صلى الله عليه وسلم يحلفون بالله إنهم مؤمنون صادقون ، وعرف الله غير ذلك منهم ، فأنزل الله عز وجل :{ قل أتعلمون الله بدينكم } والتعليم ها هنا بمعنى الإعلام ولذلك قال : { بدينكم } وأدخل الباء فيه ، يقول : أتخبرون الله بدينكم الذي أنتم عليه ، { والله يعلم ما في السماوات وما في الأرض والله بكل شيء عليم } أي : لا يحتاج إلى إخباركم .
ثم أمر - سبحانه - رسوله - صلى الله عليه وسلم - أن يخبرهم بأن الله - تعالى - لا يخفى عليه شئ من أحوالهم فقال : { قُلْ أَتُعَلِّمُونَ الله بِدِينِكُمْ } .
وقوله : { أَتُعَلِّمُونَ } من الإِعلام بمعنى الإخبار ، فلذا تعدى بالتضعيف لِواحِد بنفسه ، وإلى الثانى بحرف الجر .
أى : قبل - أيها الرسول الكريم - لهؤلاء الأعراب على سبيل التوبيخ : أتخبرون الله - تعالى - بما أنتم عليه من دين وتصديق حيث قلتم آمنا ، على سبيل التفاخر والتباهى . . وأحال أن الله - تعالى - { يَعْلَمُ مَا فِي السماوات وَمَا فِي الأرض } دون أن يخفى عليه شئ من أحوال المخلوقات الكائنة فيهما .
وقوله - سبحانه - : { والله بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } مقرر لما قبله ومؤكد له .
ثم يستطرد مع الأعراب يعلمهم أن الله أعلم بقلوبهم وما فيها ؛ وأنه هو يخبرهم بما فيها ولا يتلقى منهم العلم عنها :
( قل : أتعلمون الله بدينكم ? والله يعلم ما في السماوات وما في الأرض ، والله بكل شيء عليم ) . .
والإنسان يدعي العلم ، وهو لا يعلم نفسه ، ولا ما يستقر فيها من مشاعر ، ولا يدرك حقيقة نفسه ولا حقيقة مشاعره ؛ فالعقل نفسه لا يعرف كيف يعمل ، لأنه لا يملك مراقبة نفسه في أثناء عمله . وحين يراقب نفسه يكف عن عمله الطبيعي ، فلا يبقى هناك ما يراقبه ! وحين يعمل عمله الطبيعي لا يملك أن يشغل في الوقت ذاته بالمراقبة ! ومن ثم فهو عاجز عن معرفة خاصة ذاته وعن معرفة طريقة عمله ! وهو هو الأداة التي يتطاول بها الإنسان !
( والله يعلم ما في السماوات وما في الأرض ) . . علما حقيقيا . لا بظواهرها وآثارها . ولكن بحقائقها وماهياتها . وعلما شاملا محيطا غير محدود ولا موقوت .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.