محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{قُلۡ أَتُعَلِّمُونَ ٱللَّهَ بِدِينِكُمۡ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٞ} (16)

{ قل أتعلمون الله بدينكم والله يعلم ما في السماوات وما في الأرض والله بكل شيء عليم 16 } .

{ قل } أي لهؤلاء الأعراب القائلين بأفواههم { آمنا } . { أتعلمون الله بدينكم } أي أتخبرونه بقولكم { آمنا } ، بطاعتكم إياه لتكونوا مع المؤمنين عنده ، ولا تبالون بعلمه بما أنتم عليه ، من التعليم ، بمعنى الإعلام والإخبار ، فلذا تعدى للثاني بالباء . وقيل : تعدى بها لتضمين معنى الإحاطة أو الشعوب . وفيه تجهيل لهم وتوبيخ . أي لأن قولهم { آمنا } إن كان إخبارا للخلق فلا دليل على صدقه ، وإن كان للحق تعالى فلا معنى له ، لأنهم كيف يعلمونه ، وهو العالم بكل شيء ، كما قال : { والله يعلم ما في السماوات وما في الأرض والله بكل شيء عليم } قال ابن جرير :{[6707]} هذا تقدم من الله إلى هؤلاء الأعراب بالنهي عن أن يكذبوا ويقولوا غير الذي هم عليه في دينهم . يقول : الله محيط بكل شيء عالم به ، فاحذروا أن تقولوا خلاف ما يعلم من ضمائركم ، فينالكم عقوبته ، فإنه لا يخفى عليه شيء .

ثم أشار إلى نوع آخر من جفائهم ، مختوما بتوعدهم ، بقوله تعالى : { يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا عليّ إسلامكم بل الله يمنّ عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين 17 } .


[6707]:انظر الصفحة رقم 145 من الجزء السادس والعشرين(طبعة الحلبي الثانية(