المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{إِلَّا ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ أُوْلَـٰٓئِكَ لَهُم مَّغۡفِرَةٞ وَأَجۡرٞ كَبِيرٞ} (11)

11- ولا يخلو من هذا العيب إلا الذين صبروا عند الشدائد ، وعملوا الصالحات في السرَّاء والضرَّاء . هؤلاء لهم مغفرة من الذنوب وأجر كبير على أعمالهم الصالحة .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{إِلَّا ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ أُوْلَـٰٓئِكَ لَهُم مَّغۡفِرَةٞ وَأَجۡرٞ كَبِيرٞ} (11)

قوله تعالى : { إلا الذين صبروا } ، قال الفراء : هذا استثناء منقطع ، معناه : لكن الذين صبروا { وعملوا الصالحات } ، فإنهم إن نالتهم شدة صبروا ، وإن نالوا نعمة شكروا ، { أولئك لهم مغفرة } ، لذنوبهم ، { وأجر كبير } ، وهو الجنة .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِلَّا ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ أُوْلَـٰٓئِكَ لَهُم مَّغۡفِرَةٞ وَأَجۡرٞ كَبِيرٞ} (11)

وقوله : { إِلاَّ الذين صَبَرُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات . . } استثناء من هؤلاء الناس الذين لا يصبرون عند الشدة ، ولا يشكرون عند الرخاء .

أى : إلا الذين صبروا على النعمة كما صبروا على الشدة ، وعملوا فى الحالتين الأعمال الصالحات التى ترضى الله - تعالى - .

{ أولئك } الموصوفون بذلك { لَهُمْ } من الله - تعالى - { مَّغْفِرَةٌ } عظيمة تمسح ذنوبهم { وَأَجْرٌ كَبِيرٌ } منه - سبحانه - لهم . جزاء صبرهم الجميل ، وعملهم الصالح .

وفى الصحيحين أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " والذى نفسى بيده ، لا يقضى الله للمؤمن قضاء إلا كان خيرا له ، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له ، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له ، وليس ذلك لأحد غير المؤمن " .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِلَّا ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ أُوْلَـٰٓئِكَ لَهُم مَّغۡفِرَةٞ وَأَجۡرٞ كَبِيرٞ} (11)

1

( إلا الذين صبروا ) . .

صبروا على النعمة كما صبروا على الشدة ، فإن كثيرا من الناس يصبرون على الشدة تجلدا وإباء أن يظهر عليهم الضعف والخور ، ولكن القلة هي التي تصبر على النعمة فلا تغتر ولا تبطر . .

( وعملوا الصالحات ) . .

في الحالين . في الشدة بالاحتمال والصبر ، وفي النعمة بالشكر والبر .

( أولئك لهم مغفرة وأجر كبير ) . .

بما صبروا على الضراء وبما شكروا في السراء .

إن الإيمان الجاد المتمثل في العمل الصالح هو الذي يعصم النفس البشرية من اليأس الكافر في الشدة ؛ كما يعصمها من البطر الفاجر في الرخاء . وهو الذي يقيم القلب البشري على سواء في البأساء والنعماء ؛ ويربطه بالله في حاليه ، فلا يتهاوى ويتهافت تحت مطارق البأساء . ولا يتنفج ويتعالى عندما تغمره النعماء . . وكلا حالي المؤمن خير . وليس ذلك إلا للمؤمن كما يقول رسول الله [ ص ] .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِلَّا ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ أُوْلَـٰٓئِكَ لَهُم مَّغۡفِرَةٞ وَأَجۡرٞ كَبِيرٞ} (11)

قال الله تعالى : { إِلا الَّذِينَ صَبَرُوا } أي : في الشدائد والمكاره ، { وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ } أي : في الرخاء والعافية ، { أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ } أي : بما يصيبهم من الضراء ، { وَأَجْرٌ كَبِيرٌ } بما أسلفوه في زمن الرخاء ، كما جاء في الحديث : " والذي نفسي بيده ، لا يصيب المؤمن هَمٌّ ولا غَمٌّ ، ولا نَصَب ولا وَصَب ، ولا حَزَن حتى الشوكة يشاكها ، إلا كَفَّرَ اللهُ عنه بها من خطاياه{[14514]}-{[14515]} ، وفي الصحيحين : " والذي نفسي بيده ، لا يقضي الله للمؤمن قضاء إلا كان خيرا له ، إن أصابته سراء فشكر كان{[14516]} خيرا له ، وإن أصابته ضراء فصبر كان خيرا له ، وليس ذلك لأحد غير المؤمن " {[14517]} وهكذا قال الله تعالى : { وَالْعَصْرِ إِنَّ الإنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ } [ سورة العصر ] ، وقال تعالى : { إِنَّ الإنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا إِلا الْمُصَلِّينَ } الآية [ المعارج : 19 - 22 ] .


[14514]:- في ت ، أ : "ولا حزن إلا كفر الله بها من خطاياه حتى الشوكة يشاكها".
[14515]:- روى مسلم نحوه في صحيحه من حديث أبي هريرة وأبي سعيد (2573) ومن حديث أبي هريرة وحده (2574).
[14516]:- في ت : "فكان".
[14517]:- صحيح مسلم برقم (299) بلفظ : "عجبا للمؤمن إن أمره كله خير" من حديث صهيب الرومي رضي الله عنه وليس في صحيح البخاري.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{إِلَّا ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ أُوْلَـٰٓئِكَ لَهُم مَّغۡفِرَةٞ وَأَجۡرٞ كَبِيرٞ} (11)

احتراس باستثناء من ( الإنسان ) . والمراد بالّذين صبروا المؤمنون بالله لأنّ الصبر من مقارنات الإيمان فَكنيَ بالذين صبروا عن المؤمنين فإنّ الإيمان يَرُوضُ صاحبَه على مفارقة الهوى ونبذ معتاد الضلالة . قال تعالى : { إلاّ الّذينَ آمَنُوا وَعَملُوا الصّالحَات وَتَوَاصَوْا بالْحَقّ وَتَوَاصَوْا بالصّبْر } [ العصر : 3 ] .

ومنْ معاني الصبر انتظار الفرج ولذلك أوثرَ هنا وصفُ ( صبروا ) دون ( آمنوا ) لأنّ المرادَ مقابلة حالهم بحال الكفّار في قوله : { إنّه ليؤوس كفور } [ هود : 9 ] . ودل الاستثناء على أنّهم متّصفون بضد صفات المستثنى منهم . وفي هذا تحذير من الوقوع فيما يماثل صفات الكافرين على اختلاف مقادير . وقد نسجت الآية على هذا المنوال من الإجمال لتذهب نفوس السامعين من المؤمنين في طرق الحذر من صفتي اليأس وكفران النعمة ، ومن صفتي الفرح والفخر كل مذهب ممكن .

وجملة { أولئك لهم مغفرة وأجْرٌ كبير } مستأنفة ابتدائية . والإتيان باسم الإشارة عقب وصفهم بما دل عليه الاستثناء وبالصبر وعمل الصالحات تنبيهٌ على أنّهم استحقوا ما يذكر بعد اسم الإشارة لأجْل ما ذكر قبله من الأوصاف كقوله : { أولَئكَ عَلَى هُدىً منْ رَبهمْ وأولئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُون } [ البقرة : 5 ] .