المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَوَجَدَكَ عَآئِلٗا فَأَغۡنَىٰ} (8)

8- ووجدك فقيراً من المال فأغناك بما أعطاك من رزق ؟

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَوَجَدَكَ عَآئِلٗا فَأَغۡنَىٰ} (8)

{ ووجدك عائلاً فأغنى } أي فقيراً فأغناك بمال خديجة ثم بالغنائم . وقال مقاتل : فأرضاك بما أعطاك من الرزق . واختاره الفراء : وقال : لم يكن غنياً عن كثرة المال ولكن الله أرضاه بما آتاه وذلك حقيقة الغنى .

أخبرنا حسان بن سعيد المنيعي أنبأنا أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الزيادي ، أنبأنا أبو بكر محمد بن الحسين القطان ، حدثنا أحمد بن يوسف السلمي ، حدثنا عبد الرزاق ، أنبأنا معمر عن همام بن منبه أنه قال : أنبأنا أبو هريرة قال : " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليس الغنى عن كثرة العرض ، ولكن الغنى غنى النفس " .

أنبأنا عبد الواحد المليحي ، أنبأنا أبو عبد الله محمد بن الحسين الزعفراني ، أنبأنا أحمد بن سعيد أنبأنا أبو يحيى محمد بن عبد الله ، حدثنا أبي ، حدثني شرحبيل بن شريك عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " قد أفلح من أسلم ورزق كفافاً وقنعه الله بما آتاه ثم أوصاه باليتامى والفقراء " . فقال :{ فأما اليتيم فلا تقهر }

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَوَجَدَكَ عَآئِلٗا فَأَغۡنَىٰ} (8)

وقوله - سبحانه - : { وَوَجَدَكَ عَآئِلاً فأغنى } بيان لنعمة ثالثة من نعمه - تعالى - على نبيه صلى الله عليه وسلم .

وأصل العائل : الإِنسان الذى له عائلة لا يستطيع الإِنفاق عليها ، ثم أطلق هذا اللفظ على الإِنسان الفقير حتى ولو لم تكن له عائلة أو أسرة ، والفقر يسمى عيلة ، كما فى قوله - تعالى - : { وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً } - أى : فقرا - { فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ الله مِن فَضْلِهِ إِن شَآءَ . . . } أى : وقد كنت - أيها الرسول الكريم - فقيرا ، حيث مات أبوك دون أن يترك لك مالا كثيرا ، ونشأت فى كنف جدك ثم عمك ، وأنت على هذه الحال ، ثم أغناك الله - تعالى - بفضله وكرمه بنوعين من الغنى :

أما أولهما - وهو الأعظم - : فهو غنى النفس ، بأن منحك نفسا عفيفة قانعة بما أعطاك - سبحانه - من رزق ، حتى ولو كان كفافا .

وأما ثانيهما : فهو الغنى المادى عن الاحتياج إلى الناس ، بما أجراه على يديك من الربح فى التجارة ، وبما وهبتك زوجك خديجة من مالها ، فعشت مستور الحال ، غير محتاج إلى من ينفق عليك .

وهكذا نجد الآيات الكريمة تبين لنا أن من فضل الله - تعالى - على نبيه صلى الله عليه وسلم أنه آواه فى يتمه وصغره ، وهداه من ضلاله وحيرته ، وأغناه بعد فقره وحاجته .

وبعد أن عدد - سبحانه - هذه النعم لنبيه صلى الله عليه وسلم أمره بشكرها ، وأداء حقوقها .

فقال - تعالى - : { فَأَمَّا اليتيم فَلاَ تَقْهَرْ . . }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَوَجَدَكَ عَآئِلٗا فَأَغۡنَىٰ} (8)

ولقد كنت فقيرا فأغنى الله نفسك بالقناعة ، كما أغناك بكسبك ومال أهل بيتك [ خديجة رضي الله عنها ] عن أن تحس الفقر ، أو تتطلع إلى ما حولك من ثراء !

ثم لقد نشأت في جاهلية مضطربة التصورات والعقائد ، منحرفة السلوك والأوضاع ، فلم تطمئن روحك إليها . ولكنك لم تكن تجد لك طريقا واضحا مطمئنا . لا فيما عند الجاهلية ولا فيما عند أتباع موسى وعيسى الذين حرفوا وبدلوا وانحرفوا وتاهوا . . ثم هداك الله بالأمر الذي أوحي به إليك ، وبالمنهج الذي يصلك به .

والهداية من حيرة العقيدة وضلال الشعاب فيها هي المنة الكبرى ، التي لا تعدلها منة ؛ وهي الراحة والطمأنينة من القلق الذي لا يعدله قلق ؛ ومن التعب الذي لا يعدله تعب ، ولعلها كانت بسبب مما كان رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] يعانيه في هذه الفترة ، من انقطاع الوحي وشماتة المشركين ووحشة الحبيب من الحبيب . فجاءت هذه تذكره وتطمئنه على أن ربه لن يتركه بلا وحي في التيه وهو لم يتركه من قبل في الحيرة والتيه !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَوَجَدَكَ عَآئِلٗا فَأَغۡنَىٰ} (8)

وقوله : { وَوَجَدَكَ عَائِلا فَأَغْنَى } أي : كنت فقيرًا ذا عيال ، فأغناك الله عمن سواه ، فجمع له بين مقامي ، الفقير الصابر والغني الشاكر ، صلوات الله وسلامه عليه .

وقال قتادة في قوله : { أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى وَوَجَدَكَ ضَالا فَهَدَى وَوَجَدَكَ عَائِلا فَأَغْنَى } قال : كانت هذه منازل الرسول صلى الله عليه وسلم قبل أن يبعثه الله ، عز وجل . رواه ابن جرير ، وابن أبي حاتم .

وفي الصحيحين - من طريق عبد الرزاق - عن مَعْمَر ، عن همام بن مُنَبّه قال : هذا ما حَدّثنا أبو هُرَيرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ليس الغنى عن كثرة العَرَض ، ولكن{[30189]} الغنى غنى النفس " {[30190]} .

وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قد أفلح من أسلم ، ورُزق كفافًا ، وقنعه{[30191]} الله بما آتاه " {[30192]} .


[30189]:- (1) في م: "وإنما".
[30190]:- (2) لم أقع عليه في الصحيحين من هذا الطريق، وقد جاء فيهما من طرق أخر عن أبي هريرة، انظر: صحيح البخاري برقم (6446) وصحيح مسلم برقم (1051).
[30191]:- (3) في أ: "ومتعه".
[30192]:- (4) صحيح مسلم برقم (1054).
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَوَجَدَكَ عَآئِلٗا فَأَغۡنَىٰ} (8)

وقوله : وَوَجَدَكَ عائِلاً فَأغْنَى يقول : ووجدك فقيرا فأغناك ، يقال منه : عال فلان يَعيل عَيْلَة ، وذلك إذا افتقر ومنه قول الشاعر :

فَمَا يَدْرِي الفَقِيرُ مَتى غِناه *** وَما يَدْرِي الغَنِيّ مَتى يَعِيلُ

يعني : متى يفتقر . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حُميد ، قال : حدثنا مِهْران ، عن سفيان وَوَجَدَكَ عائِلاً فقيرا . وذُكر أنها في مصحف عبد الله : «وَوَجَدَكَ عَدِيما فآوَى » .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيما فآوَى وَوَجَدَك ضَالاّ فَهَدَى وَوَجَدَكَ عائِلاً فأغْنَى قال : كانت هذه منازل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قبل أن يبعثه الله سبحانه وتعالى .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَوَجَدَكَ عَآئِلٗا فَأَغۡنَىٰ} (8)

ووجدك عائلا فقيرا ذا عيال فأغنى بما حصل لك من ربح التجارة .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَوَجَدَكَ عَآئِلٗا فَأَغۡنَىٰ} (8)

والعائل الفقير ، وقرأ اليماني «عيَّلاً » بشد الياء المكسورة ومنه قول الشاعر [ أحيحة ] : [ الوافر ]

وما يدري الفقير متى غناه . . . وما يدري الغني متى يعيل{[11875]}

وأعال : كثر عياله ، وعال : افتقر ، ومنه قول الله تعالى : { وإن خفتم عيلة }{[11876]} [ التوبة : 28 ] وقوله تعالى : { فأغنى } قال مقاتل معناه رضاك بما أعطاك من الرزق ، وقيل فقيراً إليه فأغناك به ، والجمهور على أنه فقر المال وغناه ، والمعنى في النبي صلى الله عليه وسلم أنه أغني بالقناعة والصبر وحببا إليه فقر الحال وغناه ، وقيل أغني بالكفاف لتصرفه في مال خديجة ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم قط كثير المال ورفعه الله عن ذلك ، وقال : «ليس الغنى عن كثرة العرض ولكنه غنى النفس »{[11877]} .


[11875]:هذا واحد من أبيات قالها أحيحة بن الجلاح، وهو في معاني القرآن، والجمهرة، واللسان، ومجاز القرآن: فهل من كاهن أو ذي إله إذا ما كان من ربي قفول أراهنه فيرهنني بنيه وأرهنه بني بما أقول وما يدري الفقير متى غناه وما يدري الغني متى يعيل وما تدري إذا أزمعت أمرا بأي الأرض يدركك المقيل
[11876]:من الآية 28 من سورة التوبة.
[11877]:أخرجه البخاري في الرقاق، ومسلم في الزكاة، والترمذي وابن ماجه في الزهد، وأحمد في مسنده (2/243، 261، 315، 390). عن أبي هريرة رضي الله عنه.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَوَجَدَكَ عَآئِلٗا فَأَغۡنَىٰ} (8)

والعائل : الذي لا مال له ، والفقر يسمى عَيْلَة ، قال تعالى : { وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم اللَّه من فضله إن شاء } [ التوبة : 28 ] وقد أغناه الله غناءين : أعظمهما غنى القلب إذ ألقى في قلبه قلة الاهتمام بالدنيا ، وغنى المال حين ألهم خديجة مقارضته في تجارتها .

وحذفت مفاعيل { فآوى } ، { فهدى } ، { فأغنى } للعلم بها من ضمائر الخطاب قبلها ، وحدفُها إيجاز ، وفيه رعاية على الفواصل .