السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَوَجَدَكَ عَآئِلٗا فَأَغۡنَىٰ} (8)

{ ووجدك عائلاً } ، أي : فقيراً { فأغنى } قال مقاتل : فرضاك بما أعطاك من الرزق واختاره الفراء ، وقال : لم يكن غني عن كثرة المال ولكن الله تعالى أرضاه بما أعطاه ، وذلك حقيقة الغني . قال صلى الله عليه وسلم «ليس الغنى عن كثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس » وقال صلى الله عليه وسلم «قد أفلح من أسلم ورزق كفافاً وقنعه الله بما آتاه » .

وقيل : أغناك بمال خديجة وتربية أبي طالب ، ولما اختل ذلك أغناه بمال أبي بكر ولما اختل ذلك أمره بالجهاد وأغناه بالغنائم . روى الزمخشري : أنه صلى الله عليه وسلم قال : «جعل رزقي تحت ظل رمحي » . وقال الرزاي : العائل ذو العيلة ثم أطلق على الفقير ، ويجوز أن يراد ووجدك ذا عيال لا تقدر على التوسعة عليهم فأغناك بما جعل لك من ربح التجارة ، ثم من كسب الغنائم .

وروى البغوي بإسناد الثعلبي عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «سألت ربي مسألة وددت أني لم أكن سألته ، قلت : يا رب إنك آتيت سليمان بن داود ملكاً عظيماً ، وآتيت فلاناً كذا قال : يا محمد ألم أجدك يتيماً فآويتك ، قلت : بلى يا رب . قال : ألم أجدك ضالاً فهديتك ؟ قلت : بلى يا رب ، قال : ألم أجدك عائلاً فأغنيتك ؟ قلت : بلى يا رب » . وفي رواية «ألم أشرح لك صدرك ووضعت عنك وزرك ؟ قلت بلى يا رب » .