المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{يَحۡلِفُونَ لَكُمۡ لِتَرۡضَوۡاْ عَنۡهُمۡۖ فَإِن تَرۡضَوۡاْ عَنۡهُمۡ فَإِنَّ ٱللَّهَ لَا يَرۡضَىٰ عَنِ ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡفَٰسِقِينَ} (96)

96- يُقْسمون لكم طمعا في رضائكم عنهم ، فإن خُدِعْتم بأيمانهم ورضيتم عنهم ، فإن رضاكم - وحدكم - لا ينفعهم ، ذلك لأن الله ساخط عليهم لفسقهم وخروجهم على الدين .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{يَحۡلِفُونَ لَكُمۡ لِتَرۡضَوۡاْ عَنۡهُمۡۖ فَإِن تَرۡضَوۡاْ عَنۡهُمۡ فَإِنَّ ٱللَّهَ لَا يَرۡضَىٰ عَنِ ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡفَٰسِقِينَ} (96)

ثم يمضي السياق ينبئ عما سيقع من هؤلاء القاعدين بعد عودة المجاهدين :

( يحلفون لكم لترضوا عنهم . فإن ترضوا عنهم فإن اللّه لا يرضى عن القوم الفاسقين )

إنهم يطلبون ابتداء من المسلمين أن يعرضوا عن فعلتهم صفحاً وعفواً . ثم يتدرجون من هذا إلى طلب رضى المسلمين عنهم ليضمنوا السلامة في المجتمع المسلم بهذا الرضى ! ويضمنوا أن يظل المسلمون يعاملونهم بظاهرإسلامهم كما كانوا يعاملونهم ؛ ولا يجاهدونهم ويغلظون عليهم كما أمرهم اللّه في هذه السورة أن يفعلوا ؛ محدداً بذلك العلاقات النهائية بين المسلمين والمنافقين فيهم .

ولكن اللّه سبحانه يقرر أنهم فسقوا عن دين اللّه بهذا القعود الناشئ عن النفاق ؛ وأن اللّه لا يرضى عن القوم الفاسقين . حتى ولو استطاعوا أن يحلفوا ويعتذروا حتى يرضى عنهم المسلمون ! . . وحكم اللّه فيهم هو الحكم . ورضا الناس - ولو كانوا هم المسلمين - في هذه الحالة لا يغير من غضب اللّه عليهم ، ولا يجديهم فتيلاً . إنما السبيل إلى إرضاء اللّه هو الرجوع عن هذا الفسق ، والعودة إلى دين اللّه القويم !

وهكذا كشف اللّه هؤلاء القاعدين - من غير عذر - في الجماعة المسلمة ؛ وقرر العلاقات النهائية بين المسلمين والمنافقين . كما قررها من قبل بين المسلمين والمشركين ، وبين المسلمين وأهل الكتاب . وكانت هذه السورة هي الحكم النهائي الأخير .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{يَحۡلِفُونَ لَكُمۡ لِتَرۡضَوۡاْ عَنۡهُمۡۖ فَإِن تَرۡضَوۡاْ عَنۡهُمۡ فَإِنَّ ٱللَّهَ لَا يَرۡضَىٰ عَنِ ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡفَٰسِقِينَ} (96)

وقوله { يحلفون لكم لترضوا عنهم } ، هذه الآية والتي قبلها مخاطبة للمؤمنين مع الرسول ، والمعنى يحلفون لكم مبطلين ومقصدهم أن ترضوا لا أنهم يفعلون ذلك لوجه الله ولا للبر ، ولقوله { فإن ترضوا } إلى آخر الآية ، شرط يتضمن النهي عن الرضى عنهم ، وحكم هذه الآية يستمر في كل مغموص عليه ببدعة ونحوها ، فإن المؤمن ينبغي أن يبغضه ولا يرضى عنه لسبب من أسباب الدنيا{[5840]} .


[5840]:- في الآية الأولى: {سيحلفون بالله لكم} الخ*** ذكر الله تعالى حلفهم لأجل الإعراض، ولهذا جاء الأمر بالإعراض نصا {فأعرضوا عنهم} لأن الإعراض من الأمور التي تظهر للناس، وفي الآية الثانية {يحلفون لكم لترضوا عنهم} ذكر سبحانه الحلف لأجل الرضى فأبرز النهي عن الرضى في صورة شرطية لأن الرضى من الأمور القلبية التي تخفى، وخرّج مخرج المتردد فيه وجٌعل جوابه انتفاء رضى الله عنهم فصار رضى المؤمنين عنهم أبعد شيئا في الوقوع، لأنه معلوم منهم أنهم لا يرضون عمّن لا يرضى الله عنهم.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{يَحۡلِفُونَ لَكُمۡ لِتَرۡضَوۡاْ عَنۡهُمۡۖ فَإِن تَرۡضَوۡاْ عَنۡهُمۡ فَإِنَّ ٱللَّهَ لَا يَرۡضَىٰ عَنِ ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡفَٰسِقِينَ} (96)

هذه الجملة بدل اشتمال من جملة : { سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم } [ التوبة : 95 ] لأنهم إذا حلفوا لأجل أن يعرض عنهم المسلمون فلا يلوموهم ، فإن ذلك يتضمن طلبهم رضى المسلمين .

وقد فرّع الله على ذلك أنه إن رضي المسلمون عنهم وأعرضوا عن لومهم فإن الله لا يرضى عن المنافقين . وهذا تحذير للمسلمين من الرضى عن المنافقين بطريق الكناية إذ قد علم المسلمون أن ما لا يُرضي الله لا يكون للمسلمين أن يرضوا به .

والقوم الفاسقون هم هؤلاء المنافقون . والعدول عن الإتيان بضمير ( هم ) إلى التعبير بصفتهم للدلالة على ذمهم وتعليل عدم الرضى عنهم ، فالكلام مشتمل على خبر وعلى دليله فأفاد مفاد كلامين لأنه ينحلّ إلى : فإن ترضوا عنهم فإن الله لا يرضى عنهم لأن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين .