49- وأنه - هو - رب هذا الكوكب العظيم المسمى بالشعرى{[210]} .
والشعرى نجم أثقل من الشمس بعشرين مرة ، ونوره خمسون ضعف نور الشمس . وهي أبعد من الشمس بمليون ضعف بعد الشمس عنا .
وقد كان هناك من يعبد هذا النجم . وكان هناك من يرصده كنجم ذي شأن . فتقرير أن الله هو رب الشعرى له مكانه في السورة التي تبدأ بالقسم بالنجم إذا هوى ؛ وتتحدث عن الرحلة إلى الملأ الأعلى ؛ كما تستهدف تقرير عقيدة التوحيد ، ونفي عقيدة الشرك الواهية المتهافتة .
{ وأنه هو رب الشعرى } يعني العبور وهي أشد ضياء من الغميصاء ، عبدها أبو كبشة أحد أجداد النبي صلى الله عليه وسلم وخالف قريشا في عبادة الأوثان ، ولذلك كانوا يسمون الرسول صلى الله عليه وسلم ابن أبي كبشة ، ولعل تخصيصها للإشعار بأنه عليه الصلاة والسلام وإن وافق أبا كبشة في مخالفاتهم خالفه أيضا في عبادتها .
الشعرى : هي ذلك النجم الوضاء ، الذي يقال له : مِرْزم الجوزاء ، وقد عبدته طائفة من العرب .
49- { وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى } .
والشِّعرى : هذا الكوكب الوهاج الذي يطلع خلف الجوزاء في شدة الحر ، وإنما خصها بالذكر من بين الأجرام السماوية ، وفيها ما هو أكبر منها جرما ، وأكثر ضوءا ، لأنها عُبدت من دون الله في الجاهلية ، فقد عبدتها حمير وخزاعة .
الشّعرى : نجم مضيء وهي معروفة بالشّعرى اليمانية ، أشدّ نجمٍ لمعاناً في السماء ، يبلغ قطرها ضِعف قطر الشمس ، وأكثر لمعاناً من الشمس بِ 27 مرة . وكان بعض العرب يعبدونها في الجاهلية .
وقد نصّ بشكل خاص بأنه ربّ الشعرى اليمانية ( ألمع نجمٍ في كوكبة الكلب الأكبر ، وأَلْمع ما يُرى من نجوم السماء ) ، لأن بعض العرب كانوا يعبدونها . وكان قدماء المصريين يعبدونها أيضا ، لأن ظهورها في جهة الشرق نحو منتصف شهر تموز قبل شروق الشمس ، يتفق مع زمن الفيضان في مصر الوسطى ، وهو أهم حادث في العام ، وابتداء عام جديد .
{ وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشعرى } هي { الشعرى } العبور بفتح العين المهملة والباء الموحدة والراء المهملة بعد الواو ، وتقال { الشعرى } أيضاً على الغميصاء بغين معجمة مضمومة وميم مفتوحة بعدها ياء مثناة تحتية وصاد مهملة ومد ، والأولى : في الجوزاء ، وإنما قيل لها العبور لأنها عبرت المجرة فلقيت سهيلاً ولأنها تراه إذا طلع كأنها ستعبر وتسمى أيضاً كلب الجبار لأنها تتبع الجوزاء المسماة بالجبار كما يتبع الكلب الصائد أو الصيد ، والثانية : في ذراع الأسد المبسوط ، وإنما قيل لها الغميصاء لأنها بكت من فراق سهيل فغمصت عينها ، والغمص ما سال من الرمص وهو وسخ أبيض يجتمع في الموق ، وذلك من زعم العرب أنهما أختا سهيل ، وفي «القاموس » من أحاديثهم أن الشعري العبور قطعت المجرة فسميت عبوراً وبكت الأخرى على أثرها حتى غمصت ويقال لها الغموس أيضاً ، وقيل : زعموا أن سهيلاً و { الشعري } كانا زوجين فانحدر سهيل وصار يمانياً فاتبعه الشعري فعبرت المجرة فسميت العبور وأقامت الغميصاء وسميت بذلك لأنها دون الأولى ضياءاً ، وكل ذلك من تخيلاتهم الكاذبة التي لا حقيقة لها ، والمتبادر عند الإطلاق وعدم الوصف العبور لأنها أكبر جرماً وأكثر ضياءاً وهي التي عبدت من دون الله سبحانه في الجاهلية .
قال السدي : عبدتها حمير . وخزاعة ، وقال غيره : أول من عبدها أبو كبشة رجل من خزاعة ، أو هو سيدهم واسمه وخز بن غالب وكان المشركون يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم : ابن أبي كبشة شبهوه به لمخالفته قومه في عبادة الأصنام ، وذكر بعضهم أنه أحد أجداده عليه الصلاة والسلام من قبل أمه وأنهم كانوا يزعمون أن كل صفة في المرء تسري إليه من أحد أصوله فيقولون نزع إليه عرق كذا ، وعرق الخال نزاع ، وقيل : هو كنية وهب بن عبد مناف جده صلى الله عليه وسلم من قبل أمه ، وقولهم له عليه الصلاة والسلام ذلك على ما يقتضيه ظاهر القاموس لأنه صلى الله عليه وسلم في الشبه الخلقي دون المخالفة ، وقيل : كنية زوج حليمة السعدية مرضعته عليه الصلاة والسلام ، وقيل : كنية عم ولدها ولكونها عبدت من دونه عز وجل خصت بالذكر ليكون ذلك تجهيلاً لهم بجعل المربوب ربا ، ولمزيد الاعتناء بذلك جيء بالجملة على ما نطق به النظم الجليل .
ومن العرب من كان يعظمها ويعتقد تأثيرها في العالم ويزعمون أنها تقطع السماء عرضاً وسائر النجوم تقطعها طولاً ويتكلمون على المغيبات عند طلوعها ففي قوله تعالى : { وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشعرى } إشارة إلى نفي تأثيرها .
{ وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى } وهي النجم المعروف بالشعرى العبور ، المسماة بالمرزم ، وخصها الله بالذكر ، وإن كان رب كل شيء ، لأن هذا النجم مما عبد في الجاهلية ، فأخبر تعالى أن جنس ما يعبده المشركون مربوب مدبر مخلوق ،
فكيف تتخذ إلها مع الله{[912]}
قوله تعالى : { وأنه هو رب الشعرى } وهو كوكب خلف الجوزاء وهما شعريان ، يقال لإحداهما العبور وللأخرى الغميصاء ، سميت بذلك لأنها أخفى من الأخرى ، والمجرة بينهما . وأراد هاهنا الشعرى العبور ، وكانت خزاعة تعبدها ، وأول من سن لهم ذلك رجل من أشرافهم يقال له أبو كبشة عبدها ، وقال : لأن النجوم تقطع السماء عرضاً والشعرى طولاً فهي مخالفة لها ، فعبدتها خراعة ، فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على خلاف العرب في الدين سموه ابن أبي كبشة لخلافه إياهم ، كخلاف أبي كبشة في عبادة الشعرى .