ومن النشأة الأولى . وهي واقعة مكرورة لا ينكرها منكر ، يتجه مباشرة إلى النشأة الأخرى .
( وأن عليه النشأة الأخرى ) . .
والنشأة الأخرى غيب . ولكن عليه من النشأة الأولى دليل . دليل على إمكان الوقوع . فالذي خلق الزوجين الذكر والأنثى من نطفة إذا تمنى ، قادر - ولا شك - على إعادة الخلق من عظام ورفات . فليست العظام والرفات بأهون من الماء المراق ! ودليل على حكمة الوقوع . فهذا التدبير الخفي الذي يقود الخلية الحية الصغيرة في طريقها الطويل الشاق حتى تكون ذكرا أو أنثى . هذا التدبير لا بد أن يكون مداه أبعد من رحلة الأرض التي لا يتم فيها شيء كامل ؛ ولا يجد المحسن جزاء أحسانه كاملا ، ولا المسيء جزاء إساءته كاملا كذلك . لأن في حساب هذا التدبير نشأة أخرى يبلغ فيها كل شيء تمامه . فدلالة النشأة الأولى على النشأة الأخرى مزدوجة . ومن هنا جاء ذكرها هكذا قبل النشأة الأخرى . .
النشأة الأخرى : إعادة الأرواح إلى الأجساد حين البعث .
47- { وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرَى } .
هو سبحانه الذي خلق ، وهو الذي رزق ، وهو الذي يميت ، وهو الذي يحيي العباد في الميعاد ، ليكافأ المطيعون ، ويُعاقب الكافرون ، والنشأة الأخرى حق عليه ، تكريما للإنسان ، حتى يتحقق الجزاء العادل في الدار الآخرة .
قال تعالى : { أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون* فتعالى الله الملك الحق . . . } ( المؤمنون : 115-116 ) .