قوله : { وَأَنَّ عَلَيْهِ النشأة الأخرى } أي الخلق الثاني للبعث يوم القيامة . قال ابن الخطيب : يحتمل أن يكون المراد من قوله : { وَأَنَّ عَلَيْهِ النشأة الأخرى } هو نفخ الروح الإنسانية فيه كما قال تعالى : { ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النطفة عَلَقَةً فَخَلَقْنَا العلقة مُضْغَةً فَخَلَقْنَا المُضغة عِظَاماً فَكَسَوْنَا العظام لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ } [ المؤمنون : 13 و14 ] أي غير خلق النطفة علقة ، والعلقة مضغة ، والمضغة عظاماً . وبهذا الخلق الآخر وهو نفخ الروح تميز الإنسان عن أنواع الحيوانات فكما قال هناك : { أنشأناه خلقاً آخر } بعد خلق النطفة قال ههنا : { وَأَنَّ عَلَيْهِ النشأة الأخرى } فجعل خلق الروح نشأةً أخرى كما جَعَلَه هناك إِنشاءً آخَرَ .
فإن قيل : الإعادة لا تجب على الله ، فما معنى قوله تعالى : «وأنَّ عَلَيْهِ » ؟
فالجواب على مذهب المعتزلة يجب عليه عقلاً ، فإن الجزاء واجب ، وذلك لا يتم إلا بالحشر فتجب الإعادة عليه عقلاً ، وأما على مذهب أهب السنة ففيه وجهان :
الأول : «عَلَيْهِ » بحكم الوعد ، فإنه قال : { إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الموتى } «فَعَلَيْهِ » بحكم الوعد لا بالعقل ولا بالشَّرْع .
الثاني : «عليه » بحكم التعيين ، فإن من حَضَرَ بين جمع وحاولوا أمراً وعجزوا عنه ، يقال له : وَجَبَ عَلَيْكَ إِذَنْ أنْ تَفْعَلَه أي تَعَيَّنْتَ لَهُ{[53748]} .
قرئ النَّشْأَةَ على أنه مصدر كالضَّرْبَةِ على وزن فَعْلَةٍ وهي المَرَّة يقال : ضَرْبَةٌ وضَرْبَتَانِ يعني النشأة مرة أخرى عليه . وقرئ النَّشاءة - بالمد - على أنه مصدر على وزن فَعَالَةٍ{[53749]} ، كالكَفَالَةِ . وكيفما قرئ فهي من «نَشَأَ » ، وهو لازمٌ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.