المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَقَالَ مُوسَىٰ يَٰقَوۡمِ إِن كُنتُمۡ ءَامَنتُم بِٱللَّهِ فَعَلَيۡهِ تَوَكَّلُوٓاْ إِن كُنتُم مُّسۡلِمِينَ} (84)

84- أما موسى فقد قال للمؤمنين مواسياً لهم ومشجعاً : يا قوم ، إن كان الإيمان قد دخل قلوبكم في إخلاص لله فلا تخشوا سواه ، وأسلموا أموركم إليه . وتوكلوا عليه ، وثقوا في النهاية إن كنتم ثابتين على الإسلام .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَقَالَ مُوسَىٰ يَٰقَوۡمِ إِن كُنتُمۡ ءَامَنتُم بِٱللَّهِ فَعَلَيۡهِ تَوَكَّلُوٓاْ إِن كُنتُم مُّسۡلِمِينَ} (84)

71

وهنا لا بد من إيمان يرجح المخاوف ، ويطمئن القلوب ، ويثبتها على الحق الذي تنحاز إليه :

( وقال موسى : يا قوم إن كنتم آمنتم باللّه فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين ) . .

فالتوكل على اللّه دلالة الإيمان ومقتضاه . وعنصر القوة الذي يضاف إلى رصيد القلة الضعيفة أمام الجبروت الطاغي فإذا هي أقوى وأثبت . وقد ذكر لهم موسى الإيمان والإسلام . وجعل التوكل على اللّه مقتضى هذا وذاك . . مقتضى الاعتقاد في اللّه ، ومقتضى إسلام النفس له خالصة والعمل بما يريد . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَقَالَ مُوسَىٰ يَٰقَوۡمِ إِن كُنتُمۡ ءَامَنتُم بِٱللَّهِ فَعَلَيۡهِ تَوَكَّلُوٓاْ إِن كُنتُم مُّسۡلِمِينَ} (84)

ومما يدل على أنه لم يكن في بني إسرائيل إلا مؤمن قوله تعالى :

{ وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ ( 84 ) فَقَالُوا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ( 85 ) وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ( 86 ) }

يقول تعالى مخبرا عن موسى أنه قال لبني إسرائيل : { يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ } أي : فإن الله كاف من توكل عليه ، { أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ } [ الزمر : 36 ] ، { وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ } [ الطلاق : 3 ] .

وكثيرا ما يقرن الله بين العبادة والتوكل ، كما في قوله تعالى : { فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ } [ هود : 123 ] ، { قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا } [ الملك : 29 ] ، { رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلا } [ المزمل : 9 ] ، وأمر الله تعالى المؤمنين أن يقولوا في كل صلواتهم{[14362]} مرات متعددة : { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } [ الفاتحة : 5 ] .


[14362]:- في ت : "صلاتهم".
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَقَالَ مُوسَىٰ يَٰقَوۡمِ إِن كُنتُمۡ ءَامَنتُم بِٱللَّهِ فَعَلَيۡهِ تَوَكَّلُوٓاْ إِن كُنتُم مُّسۡلِمِينَ} (84)

وقوله تعالى : { وقال موسى - إلى - الكافرين } ، ابتداء حكاية قول موسى لجماعة بني إسرائيل المؤمنين منهم مؤنساً لهم ونادباً إلى التوكل على الله الذي بيده النصر ومسألة التوكل متشعبة للناس فيها خوضات ، والذي أقول : إن التوكل الذي يأمرنا له هو مقترن بتسبب جميل على مقتضى الشرع ، وهو الذي في قوله صلى الله عليه وسلم «قيدها وتوكل »{[6197]} فقد جعله متوكلاً مع التقييد والنبي صلى الله عليه وسلم رأس المتوكلين وقد تسبب عمره كله ، وكذلك السلف كله ، فإن شذ متوكل فترك التسبب جملة فهي رتبة رفيعة ما لم يسرف بها إلى حد قتل نفسه وإهلاكها ، كمن يدخل غاراً خفياً يتوكل فيه فهذا ونحوه مكروه عند جماعة من العلماء ، وما روي من إقدام عامر بن قيس على الأسد ونحو ذلك كله ضعيف ، وللصحيح منه قرائن تسهله ، وللمسلمين أجمعين قال الله تعالى { ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم }{[6198]} ، ولهم قال { وعلى الله فتوكلوا }{[6199]} ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم في مدح السبعين ألفا من أمته : { وعلى ربهم يتوكلون }{[6200]} ليس فيه أنهم يتركون التسبب جملة واحدة ولا حفظ عن عكاشة أنه ترك التسبب بل كان يغزو ويأخذ سهامه{[6201]} ، وأعني بذلك ترك التسبب في الغذاء ، وأما ترك التسبب في الطب فسهل وكثير من الناس جبل عليه دون نية وحسبة ، فكيف بمن يحتسب ، وقال لهم : { إن كنتم آمنتم } مع علمه بإيمانهم على جهة إقامة الحجة وتنبيه الأنفس و «إثارة الأنفة كما تقول ، إن كنت رجلاً فقاتل ، تخاطب بذلك رجلاً تريد إقامة نفسه ، وقوله { إن كنتم مسلمين } ، يريد أهل طاعة منضافة إلى الإيمان المشروط ، فذكر الإسلام فيه زيادة معنى .


[6197]:- أخرجه البيهقي في "الشعب" عن عمرو بن أمية الضمري، ورواه ابن حبان في صحيحه عن عمرو بن أمية أيضا بلفظ: (اعقلها وتوكل)، وبنفس اللفظ رواه الترمذي عن أنس رضي الله عنه، وأخرجه ابن خزيمة والطبراني من طريق عمرو بن أمية الضمري بإسناد جيد بلفظ (قيدها وتوكل). ورمز له السيوطي في "الجامع الصغير" بالضعف، غير أن المناوي نقلا عن الزركشي قال: إن القطّان إنما أنكره من حديث أنس، هذا وقد سبق الاستشهاد به في الجزء الثالث ص 400 من هذا التفسير.
[6198]:- من الآية (198) من سورة (البقرة).
[6199]:-من الآية (23) من سورة (المائدة).
[6200]:- من الآية (2) من سورة (الأنفال).
[6201]:- عُكاشة بن محصن صحابي جليل، شهد المشاهد كلها مع النبي صلى الله عليه وسلم، وقُتل في حرب الردة، وقد ذكر في الصحيحين في حديث ابن عباس رضي الله عنهما في السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب، فقال عكاشة حين سمع ذلك: ادع الله أن يجعلني منهم (فقال صلوات الله وسلامه عليه: أنت منهم)-ومع أن النبي صلى الله عليه وسلم قد بشره بالجنة، فإنه ما تأخر عن الأخذ بالأسباب، فاشترك في كل الحروب والغزوات، وهذا عند ابن عطية دليل على أن التوكل على الله لا يتنافى مع الأخذ بالأسباب.