المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ ٱشۡتَرَوُاْ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا بِٱلۡأٓخِرَةِۖ فَلَا يُخَفَّفُ عَنۡهُمُ ٱلۡعَذَابُ وَلَا هُمۡ يُنصَرُونَ} (86)

86- وذلك لأنهم قد آثروا أعراض الدنيا الزائلة على نعيم الآخرة الدائم ، وكانوا بهذا كمن اشترى الحياة الدنيا بالآخرة ، فلن يخفف عنهم عذاب جهنم ، ولن يجدوا من ينقذهم منه .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ ٱشۡتَرَوُاْ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا بِٱلۡأٓخِرَةِۖ فَلَا يُخَفَّفُ عَنۡهُمُ ٱلۡعَذَابُ وَلَا هُمۡ يُنصَرُونَ} (86)

75

ثم يلتفت إلى المسلمين وإلى البشرية جميعا ، وهو يعلن حقيقتهم وحقيقة عملهم :

( أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة . فلا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينصرون ) .

وكذبوا إذن في دعواهم أن لن تمسهم النار إلا أياما معدودة . . فهؤلاء هم هناك : ( فلا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينصرون ) . .

وقصة شرائهم الحياة الدنيا بالآخرة هنا في هذه المناسبة : هي أن الدافع لهم على مخالفة ميثاقهم مع الله ، هو استمساكهم بميثاقهم مع المشركين في حلف يقتضي مخالفة دينهم وكتابهم . فإن انقسامهم فريقين ، وانضمامهم إلى حلفين ، هي هي خطة إسرائيل التقليدية ، في إمساك العصا من الوسط ؛ والانضمام إلى المعسكرات المتطاحنة كلها من باب الاحتياط ، لتحقيق بعض المغانم على أية حال ؛ وضمان صوالح اليهود في النهاية سواء انتصر هذا المعسكر أم ذاك ! وهي خطة من لا يثق بالله ، ولا يستمسك بميثاقه ، ويجعل اعتماده كله على الدهاء ، ومواثيق الأرض ، والاستنصار بالعباد لا برب العباد . والإيمان يحرم على أهله الدخول في حلف يناقض ميثاقهم مع ربهم ، ويناقض تكاليف شريعتهم ، باسم المصلحة أو الوقاية ، فلا مصلحة إلا في اتباع دينهم ، ولا وقاية إلا بحفظ عهدهم مع ربهم .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ ٱشۡتَرَوُاْ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا بِٱلۡأٓخِرَةِۖ فَلَا يُخَفَّفُ عَنۡهُمُ ٱلۡعَذَابُ وَلَا هُمۡ يُنصَرُونَ} (86)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ أُولََئِكَ الّذِينَ اشْتَرَوُاْ الْحَيَاةَ الدّنْيَا بِالاَخِرَةِ فَلاَ يُخَفّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ }

يعني بقوله جل ثناؤه : { أولئك الذين } أخبر عنهم أنهم يؤمنون ببعض الكتاب فيفادون أسراهم من اليهود ، ويكفرون ببعض ، فيقتلون من حرّم الله عليهم قتله من أهل ملتهم ، ويخرجون من داره من حرّم الله عليهم إخراجه من داره ، نقضا لعهد الله وميثاقه في التوراة إليهم . فأخبر جل ثناؤه أن هؤلاء الذين اشتروا رياسة الحياة الدنيا على الضعفاء وأهل الجهل والغباء من أهل ملتهم ، وابتاعوا المآكل الخسيسة الرديئة فيها ، بالإيمان الذي كان يكون لهم به في الاَخرة لو كانوا أتوا به مكان الكفر ، الخلود في الجنان . وإنما وصفهم الله جل ثناؤه بأنهم اشتروا الحياة الدنيا بالاَخرة لأنهم رضوا بالدنيا بكفرهم بالله فيها عوضا من نعيم الاَخرة الذي أعده الله للمؤمنين ، فجعل حظوظهم من نعيم الاَخرة بكفرهم بالله ثمنا لما ابتاعوه به من خسيس الدنيا . كما : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : { أُولَئِكَ الّذِينَ اشْتَرُوا الحَياةَ الدّنْيَا بالاَخِرَةِ } : استحبوا قليل الدنيا على كثير الاَخرة .

قال أبو جعفر : ثم أخبر الله جل ثناؤه أنهم إذْ باعوا حظوظهم من نعيم الاَخرة بتركهم طاعته ، وإيثارهم الكفر به والخسيس من الدنيا عليه ، لا حظّ لهم في نعيم الاَخرة ، وأن الذي لهم في الاَخرة العذاب غير مخفف عنهم فيها العذاب لأن الذي يخفف عنه فيها من العذاب هو الذي له حظ في نعيمها ، ولا حظ لهؤلاء لاشترائهم الذي كان في الدنيا ودنياهم بآخرتهم .

وأما قوله : { وَلاَ هُمْ يُنْصَرُونَ } فإنه أخبر عنهم أنه لا ينصرهم في الاَخرة أحد فيدفع عنهم بنصرته عذاب الله ، لا بقوّته ولا بشفاعته ولا غيرهما .