وقرأ ابن كثير وابن عامر «يحضون » بمعنى : يحض بعضهم بعضاً أو تحضون أنفسكم ، وقرأ عاصم وحمزة والكسائي «تحاضون » بفتح التاء بعنى تتحاضون ، أي يحض قوم قوماً ، وقرأ أبو عمرو و «يحضون » بياء من تحت مفتوحة وبغير ألف ، وقرأ عبد الله بن المبار : «تُحاضون » بضم التاء على وزن تقاتلون ، أي أنفسكم أي بعضكم بعضاً ورواها الشيرزي عن الكسائي ، وقد يجيء فاعلت بمعنى فعلت وهذا منه ، وإلى هذا ذهب أبو علي وأنشد :
تحاسنت به الوشى{[11802]} . . . قرات الرياح وخوزها
أي حسنت وأنشد أيضاً : [ الرجز ]
إذا تخازرت وما بي من خزر{[11803]} . . . ويحتمل أن تكون مفاعلة ، ويتجه ذلك على رجف{[11804]} فتأمله ، وقرأ الأعمش «تتحاضون » بتاءين ، و { طعام } في هذه الآية بمعنى إطعام ، وقال قوم أراد نفس طعامه الذي يأكل ، ففي الكلام حذف تقديره على بدل { طعام المسكين } .
ونفي الحَض على طعام المسكين نفي لإطعامه بطريق الأولى ، وهي دلالة فحوى الخطاب ، أي لقلّة الاكتراث بالمساكين لا ينفعونهم ولو نفْعَ وساطة ، بَلْهَ أن ينفعوهم بالبذل من أموالهم .
و { طعام } يجوز أن يكون اسماً بمعنى المطعوم ، فالتقدير : ولا تحضون على إعطاء طعام المسكين فإضافته إلى المسكين على معنى لام الاستحقاق ويجوز أن يكون اسم مصدر أطعم . والمعنى : ولا تحضون على إطعام الأغنياء المساكينَ فإضافته إلى المسكين من إضافة المصدر إلى مفعوله .
و { المسكين } : الفقير وتقدم في سورة براءة .
وقد حصل في الآية احتباك لأنهم لما نُفِي إكرامهم اليتيم وقوبل بنفي أن يحضُّوا على طعام المسكين ، عُلم أنهم لا يحضون على إكرام أيتامهم ، أي لا يحضون أولياء الأيتام على ذلك ، وعلم أنهم لا يطعمون المساكين من أموالهم .
ويجوز أن يكون الحض على الطعام كناية عن الإِطعام لأن من يحض على فعل شيء يكون راغباً في التلبس به فإذا تمكن أن يفعله فعله ، ومنه قوله تعالى : { وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر } [ العصر : 3 ] أي عملوا بالحق وصبروا وتواصوا بهما .
وقرأ الجمهور : « لا تُكرمون ، ولا تَحضون ، وتأكلون ، وتُحبون » بالمثناة الفوقية على الخطاب بطريقة الالتفات من الغيبة في قوله : { فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه } الآيات لقصد مواجهتهم بالتوبيخ ، وهو بالمواجهة أوقع منه بالغيبة . وقرأها أبو عمرو ويعقوب بالمثناة التحتية على الغيبة لتعريف النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين بذلك فضحاً لدخائلهم على نحو قوله تعالى : { يقول أهلكت مالاً لبداً أيحسب أن لم يره أحد } [ البلد : 6 ، 7 ] .
وقرأ الجمهور : { ولا تحضُّون } بضم الحاء مضارع حضّ ، وقرأه عاصم وحمزة والكسائي وأبو جعفر وخلف { تَحَاضُّون } بفتح الحاء وألف بعدها مضارع حاضّ بعضهم بعضاً ، وأصله تتحاضّون فحذفت إحدى التاءين اختصاراً للتخفيف أي تتمالؤون على ترك الحض على الإطعام .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.