إرم عطف بيان لعاد على تقدير مضاف أي سبط إرم أو أهل إرم إن صح أنه اسم بلدتهم وقيل سمي أوائلهم وهم عادا الأولى باسم جدهم ومنع صرفه للعلمية والتأنيث ذات العماد ذات البناء الرفيع أو القدود الطوال أو الرفعة والثبات وقيل كان لعاد ابنان شداد وشديد فملكا وقهرا ثم مات شديد فخلص الأمر لشداد وملك المعمورة ودانت له ملوكها فسمع بذكر الجنة فبنى على مثالها في بعض صحارى عدن جنة وسماها إرم فلما تمت سار إليها بأهله فلما كان منها على مسيرة يوم وليلة بعث الله عليهم صيحة من السماء فهلكوا وعن عبد الله بن قلابة أنه خرج في طلب إبله فوقع عليها .
واختلف الناس في { إرم } فقال مجاهد وقتادة : هي القبيلة بعينها ، وهذا على قول ابن الرقيات : [ المنسرح ]
مجداً تليداً بناه أوله . . . أدرك عاداً وقبله إرما{[11791]}
وآخرين ترى الماذي عدتهم . . . من نسج داود أو ما أورثت إرم{[11792]}
قال ابن إسحاق : { إرم } هو أبو عاد كلها ، وهو عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح ، وقال : هو أحد أجدادها ، وقال جمهور المفسيرين : { إرم } مدينة لهم عظيمة كانت على وجه الدهر باليمن ، وقال محمد بن كعب : هي «الإسكندرية » ، وقال سعيد بن المسيب والمقبري{[11793]} : هي دمشق ، وهذان القولان ضعيفان ، وقال مجاهد { إرم } معناه القديمة ، وقرأ الجمهور «بعادٍ وإرمٍ » فصرفوا «عاداً » على إرادة الحي ونعت ب { إرم } بكسر الهمزة على أنها القبيلة بعينها ، ويؤيد هذا قول اليهود للعرب : سيخرج فينا نبي نتبعه نقتلكم معه قتل عاد وإرم ، فهذا يقتضي أنها قبيلة ، وعلى هذه القراءة يتجه أن يكون { إرم } أباً لعاد أو جداً غلب اسمه على القبيل ، وقرأ الحسن بن أبي الحسن «بعادَ إرمٍ » بترك الصرف في «عاد » وإضافتها إلى { إرم } ، وهذا يتجه على أن يكون { إرم } أباً أو جداً وعلى أن تكون مدينة ، وقرأ الضحاك «بعادَ أرَمَ » بفتح الدال والهمزة من «أرَمَ » وفتح الراء والميم على ترك الصرف في «عاد » والإضافة ، وقرأ ابن عباس والضحاك «بعاد إرمّ » بشد الميم على الفعل الماضي بمعنى بلى وصار رميماً ، يقال ارمّ العظم وأرم وأرمه الله تعدية رم بالهمزة ، وقرأ ابن عباس أيضاً : «ارم ذاتَ » بالنصب في التاء على إيقاع الإرمام عليها ، أي أبلاها ربك وجعلها رميماً ، وقرأ ابن الزبير : «أرِم ذات العماد » بفتح الهمزة وكسر الراء ، وهي لغة في المدينة ، وقرأ الضحاك بن مزاحم «أرْم » بسكون الراء وفتح الهمزة وهو تخفيف في «ارم » كفخذة وفخذ ، واختلف الناس في قوله تعالى : { ذات العماد } فمن قال { إرم } مدينة ، قال العماد أعمدة الحجارة التي بنيت بها ، وقيل القصور العالية والأبراج يقال لها عماد ، ومن قال { إرم } قبيلة قال { العماد } إما أعمدة بنيانهم وإما أعمدة بيوتهم التي يرحلون بها لأنهم كانوا أهل عمود ينتجعون البلاد ، قاله مقاتل وجماعة .
ووُصِفَتْ عادٌ ب { ذات العماد } ، و { ذاتُ } وصْف مؤنث لأن المراد بعاد القبيلة .
والعمادُ : عُود غليظ طويلٌ يُقام عليه البيت يركز في الأرض تقام عليه أثواب الخيمة أو القبة ويسمى دَعامةً ، وهو هنا مستعار للقوة تشبيهاً للقبيلة القوية بالبيت ذات العماد .
وإطلاق العِماد على القوة جاء في قول عمرو بن كلثوم "
ونَحن إذا عِمَادُ الحَيِّ خَرَّت *** على الأحْفاض نَمنع من يَلِينا
ويجوز أن يكون المراد ب { العماد } الأعلام التي بنوْها في طرُقهم ليهتدي بها المسافرون المذكورةَ في قوله تعالى : { أتبنون بكل ريع آية تعبثون } [ الشعراء : 128 ] .
ووُصفت عاد ب { ذات العماد } لقوتها وشدتها ، أي قد أهلك الله قوماً هم أشد من القوم الذين كذبوك قال تعالى : { وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك أهلكناهم فلا ناصر لهم } [ محمد : 13 ] وقال : { أو لم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين كانوا من قبلهم كانوا هم أشد منهم قوة } [ غافر : 21 ] .
و { التي } : صادق على « عاد » بتأويل القبيلة كما وصفت ب { ذات العماد } والعرب يقولون : تَغلِبُ ابنةُ وائل ، بتأويل تغلب بالقبيلة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.