المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ} (3)

3- وأولئك المؤمنون الصادقون في الإيمان ، يؤدون الصلاة مستوفية الأركان ، كاملة الخشوع والخضوع ، ليكونوا على تذكر الله دائماً ، وينفقون مقادير من المال الذي رزقهم الله - سبحانه وتعالى - في الجهاد والبر ومعاونة الضعفاء .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ} (3)

الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ من فرائض ونوافل ، بأعمالها الظاهرة والباطنة ، كحضور القلب فيها ، الذي هو روح الصلاة ولبها ، . وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ النفقات الواجبة ، كالزكوات ، والكفارات ، والنفقة على الزوجات والأقارب ، وما ملكت أيمانهم ، . والمستحبة كالصدقة في جميع طرق الخير .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ} (3)

وقوله { الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ } ينبه بذلك على أعمالهم ، بعد ما ذكر اعتقادهم ، وهذه الأعمال تشمل أنواع الخير كلها ، وهو إقامة الصلاة ، وهو حق الله تعالى .

وقال قتادة : إقامة الصلاة : المحافظة على مواقيتها{[12656]} ووضوئها ، وركوعها ، وسجودها .

وقال مقاتل بن حَيَّان : إقامتها : المحافظة على مواقيتها ، وإسباغ الطهور فيها ، وتمام ركوعها وسجودها ، وتلاوة القرآن فيها ، والتشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، هذا إقامتها .

والإنفاق مما رزقهم الله يشمل خراج{[12657]} الزكاة ، وسائر الحقوق للعباد من واجب ومستحب ، والخلق كلهم عيال الله ، فأحبهم{[12658]} إلى الله أنفعهم لخلقه .

قال قتادة في قوله { وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ } فأنفقوا مما أعطاكم الله ، فإنما هذه الأموال عواري وودائع عندك يا ابن آدم ، أوشكت أن تفارقها .


[12656]:في م: "أوقاتها".
[12657]:في ك، م: "إخراج"
[12658]:في د: "أحبكم".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ} (3)

القول في تأويل قوله تعالى : { الّذِينَ يُقِيمُونَ الصّلاَةَ وَمِمّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * أُوْلََئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ } . .

يقول تعالى ذكره : الذين يؤدّون الصلاة المفروضة بحدودها ، وينفقون مما رزقهم الله من الأموال فيما أمرهم الله أن ينفقوها فيه من زكاة وجهاد وحجّ وعمرة ونفقة على من تجب عليهم نفقته ، فيؤدّون حقوقهم . أولَئِكَ يقول : هؤلاء الذين يفعلون هذه الأفعال . هُمُ المُؤْمِنُونَ لا الذين يقولون بألسنتهم قد آمنا وقلوبهم منطوية على خلافه نفاقا ، لا يقيمون صلاة ولا يؤدّون زكاة .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية بن صالح ، عن عليّ ، عن ابن عباس : الّذِينَ يُقِيمُونَ الصّلاةَ يقول : الصلوات الخمس . وممّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ يقول : زكاة أموالهم . أُولَئِكَ هُمُ المُؤْمِنُونَ حَقّا يقول : برئوا من الكفر . ثم وصف الله النفاق وأهله ، فقال : إنّ الّذِينَ يَكْفُرُونَ باللّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أنْ يُفَرّقُوا بينَ اللّهَ وَرُسُلِهِ . . . إلى قوله : أُولَئِكَ هُمُ الكافِرُونَ حَقّا فجعل الله المؤمن مؤمنا حقّا ، وجعل الكافر كافرا حقّا ، وهو قوله : هُوَ الّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : أُولَئِكَ هُمُ المُؤْمِنُونَ حَقّا قال : استحقوا الإيمان بحقّ ، فأحقه الله لهم .

القول في تأويل قوله تعالى : لَهُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ رَبّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ .

يعني جلّ ثناؤه بقوله : لَهُمْ دَرَجاتٌ لهؤلاء المؤمنين الذين وصف جلّ ثناؤه صفتهم درجات ، وهي مراتب رفيعة .

ثم اختلف أهل التأويل في هذه الدرجات التي ذكر الله أنها لهم عنده ما هي ، فقال بعضهم : هي أعمال رفيعة وفضائل قدّموها في أيام حياتهم . ذكر من قال ذلك .

حدثني أحمد بن إسحاق ، قال : حدثنا أبو أحمد ، قال : حدثنا إسرائيل ، عن أبي يحيى القتات ، عن مجاهد : لَهُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ رَبّهِمْ قال : أعمال رفيعة .

وقال آخرون : بل ذلك مراتب في الجنة . ذكر من قال ذلك .

حدثنا أحمد بن إسحاق ، قال : حدثنا أبو أحمد ، قال : حدثنا سفيان ، عن هشام بن جبلة ، عن عطية ، عن ابن محيريز : لَهُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ رَبّهِمْ قال : الدرجات سبعون درجة ، كل درجة حضر الفرس الجواد المضمّر سبعين سنة .

وقوله وَمَغْفرَةٌ يقول : وعفو عن ذنوبهم وتغطية عليها . وَرِزْقٌ كَرِيمٌ قيل : الجنة . وهو عندي ما أعدّ الله في الجنة لهم من مزيد المآكل والمشارب وهنيء العيش .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، عن هشام ، عن عمرو ، عن سعيد ، عن قتادة : وَمَغْفِرَةٌ قال : لذنوبهم . وَرِزْقٌ كَرِيمٌ قال : الجنة .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ} (3)

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ} (3)

وَصْفُهم بأنهم الذين يقيمون الصلاة وينفقون مما رزقهم الله جاءَ بإعادة الموصول ، كما أعيد في قوله : { والذين يؤمنون بما أنزل إليك } في سورة البقرة ( 4 ) ، وذلك للدلالة على الانتقال ، في وصفهم ، إلى غرض آخر غيرِ الغرض الذي اجتُلُبَ الموصول الأول لأجله ، وهو هنا غرض محافظتهم على ركني الإيمان : وهما إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة ، فلا علاقة للصلة المذكورة هنا بأحكام الأنفال والرضى بقسمها ، ولكنه مجرد المدح ، وعبر في جانب الصلاة بالإقامة للدلالة على المحافظة عليها وقد تقدم ذلك عند قوله تعالى : { ويقيمون الصلاة } في سورة البقرة ( 3 ) . وجيء بالفعلين المضارعين في { يقيمون } و { ينفقون } للدلالة على تكرر ذلك وتجدده .

واعلم أن مقتضى الاستعمال في الخبر بالصلات المتعاطفة ، التي موصولها خبرٌ عن مبتدأ أن تُعتبر خبراً بعدة أشياء فهي بمنزلة أخبار متكررة ، ومقتضى الاستعمال في الاخبار المتعددة أن كل واحد منها يعتبر خبراً مستقلاً عن المبتدأ فلذلك تكون كل صلة من هذه الصلات بمنزلة خبر عن المؤمنين وهي محصور فيها المؤمنون أي حالهم فيكون المعنى ، إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم ، إنما المؤمنون الذين إذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً . وهكذا فمتى اختلت صفة من هذه الصفات اختل وصف الإيمان عن صاحبها ، فلذلك تعين أن يكون المراد من القصر المبالغة الآيله إلى معنى قصر الإيمان الكاملِ على صاحب كل صلة من هذه الصلات ، وعلى صاحب الخبرين ، لظهور أن أصل الإيمان لا يسلب من أحد ذكر الله عنده فلا يجل قلبه ، فإن أدلة قطعية من أصول الدين تنافي هذا الاحتمال فتعين تأويل { المؤمنون } [ الأنفال : 2 ] على إرادة أصحاب الإيمان الكامل .