وقوله : { وإني عذت } الآية ، كلام قاله موسى عليه السلام لخوف لحقه من فرعون وملئه و : { عذت } معناه : استجرت وتحرمت . وأدغم الدال في التاء الأعرج وأبو عمرو .
واختلف الناس في قوله : { أن ترجمون } فقال قتادة وغيره : أراد الرجم بالحجارة المؤدي إلى القتل . وقال ابن عباس وأبو صالح : أراد الرجم بالقول من السباب والمخالفة ونحوه ، والأول أظهر ، لأنه أعيذ منه ولم يعذ من الآخر ، بل قيل فيه عليه السلام وله .
وجملة { وإني عذت بربي } عطف على جملة { أدوا إلي عباد الله } ، فإن مضمون هذه الجملة مما شمله كلامه حين تبليغ رسالته فكان داخلاً في مجمل معنى { وجاءهم رسول كريم } المفسرُ بما بعد { أنْ } التفسيرية . ومعناه : تحذيرهم من أن يرجموه لأن معنى { عذت بربي } جعلتُ ربي عوذاً ، أي مَلْجَأ . والكلام على الاستعارة بتشبيه التذكير بخوف الله الذي يمنعهم من الاعتداء عليه بالالتجاء إلى حصن أو معقل بجامع السلامة من الاعتداء . ومثل هذا التركيب ممّا جرى مجرى المثل ، ومنه قوله في سورة مريم ( 18 ) { قالت إنّي أعوذ بالرحمان منك إن كنتَ تقياً } وقال أحَدُ رُجّاز العرب :
قالت وفيها حَيْدة وذُعْر *** عَوْذ بربي منكمُ وحِجْر
والتعبير عن الله تعالى بوصف { ربي وربكم } لأنه أدخل في ارعوائهم من رجمه حين يتذكرون أنه استعصم بالله الذي يشتركون في مربوبيته وأنهم لا يخرجون عن قدرته .
والرجم : الرمي بالحجارة تباعاً حتى يموت المرمِي أو يثخنه الجراح . والقصد منه تحقير المقتول لأنهم كانوا يرمون بالحجارة من يطردونه ، قال : { فاخرُج منها فإنك رجيمٌ } [ الحجر : 34 ] .
وإنّما استعاذ موسى منه لأنه علم أن عادتهم عقاب من يخالف دينهم بالقتل رمياً بالحجارة . وجاء في سورة القصص ( 33 ) { فأخاف أن يقْتلون } ومعنى ذلك إن لم تؤمنوا بما جئت به فلا تقتلوني ، كما دل عليه تعقيبه بقوله : { وإن لم تؤمنوا لي } .
والمعنى : إن لم تؤمنوا بالمعجزة التي آتيكم بها فلا ترجموني فإني أعوذ بالله من أن ترجموني ولكن اعتزلوني فكونوا غير موالين لي وأكون مع قرمي بني إسرائيل ، فالتقدير : فاعتزلوني وأعتزلكم لأن الاعتزال لا يتحقق إلا من جانبين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.