{ قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ } أي : لم تبادرون فعل السيئات وتحرصون عليها قبل فعل الحسنات التي بها تحسن أحوالكم وتصلح أموركم الدينية والدنيوية ؟ والحال أنه لا موجب لكم إلى الذهاب لفعل السيئات ؟ . { لَوْلا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ } بأن تتوبوا من شرككم وعصيانكم وتدعوه أن يغفر لكم ، { لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } فإن رحمة الله تعالى قريب من المحسنين والتائب من الذنوب هو من المحسنين .
وهنا فجوة في السورة على طريقة القصص القرآني ندرك منها أن المكذبين المعرضين استعجلوا عذاب الله الذي أنذرهم به صالح ، بدلا من أن يطلبوا هدى الله ورحمته - شأنهم في هذا شأن مشركي قريش مع الرسول الكريم - فأنكر عليهم صالح أن يستعجلوا بالعذاب ولا يطلبوا الهداية ، وحاول أن يوجههم إلى الاستغفار لعل الله يدركهم برحمته :
قال : يا قوم لم تستعجلون بالسيئة قبل الحسنة ? لو لا تستغفرون الله لعلكم ترحمون !
ولقد كان يبلغ من فساد القلوب أن يقول المكذبون : ( اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم ) . . بدلا من أن يقولوا : اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فاهدنا إلى الإيمان به والتصديق !
وقوله : قالَ يا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بالسّيّئَةِ قَبْلَ الحَسَنَةِ يقول تعالى ذكره : قال صالح لقومه : يا قوم لأيّ شيء تستعجلون بعذاب الله قبل الرحمة . كما :
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بالسّيّئَةِ قَبْلَ الحَسَنَةِ قال : السيئة : العذاب ، قبل الحسنة : قبل الرحمة .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مجاهد قالَ يا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بالسّيّئَةِ قال بالعذاب قبل الحسنة ، قال : العافية .
وقوله : لَوْلا تَسْتَغْفرُونَ اللّهَ لَعَلّكُمْ تُرْحَمُونَ يقول : هلا تتوبون إلى الله من كفركم ، فيغفر لكم ربكم عظيم جرمكم ، يصفح لكم عن عقوبته إياكم على ما قد أتيتم من عظيم الخطيئة .
وقوله : لَعَلّكُمْ تُرْحَمُونَ يقول : ليرحمكم ربكم باستغفاركم إياه من كفركم .
وقد ذكره الله تعالى في سورة الأعراف ، ثم إن { صالحاً } تلطف بقومه وترفق بهم في الخطاب فوقفهم على خطيئتهم في استعجال العذاب قبل الرحمة والمعصية لله تعالى قبل الطاعة وفي أن يكون اقتراحهم وطلبهم يقتضي هلاكهم ، ثم حضهم على ما هو أيسر من ذلك وأعود بالخير وهو الإيمان وطلب المغفرة ورجاء الرحمة فخاطبوه عند ذلك بقول سفساف{[9036]} معناه تشاءمنا بك ، قال المفسرون : وكانوا في قحط فجعلوه لذات صالح وأصل «الطيرة » ما تعارفه أهل الجهل من زجر الطير وشبهت العرب ما عن بما طار حتى سمي ما حصل الإنسان في قرعة طائراً ، ومنه قوله تعالى { ألزمنا طائره في عنقه }{[9037]} [ الإسراء : 13 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.