المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{يَحۡلِفُونَ لَكُمۡ لِتَرۡضَوۡاْ عَنۡهُمۡۖ فَإِن تَرۡضَوۡاْ عَنۡهُمۡ فَإِنَّ ٱللَّهَ لَا يَرۡضَىٰ عَنِ ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡفَٰسِقِينَ} (96)

96- يُقْسمون لكم طمعا في رضائكم عنهم ، فإن خُدِعْتم بأيمانهم ورضيتم عنهم ، فإن رضاكم - وحدكم - لا ينفعهم ، ذلك لأن الله ساخط عليهم لفسقهم وخروجهم على الدين .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يَحۡلِفُونَ لَكُمۡ لِتَرۡضَوۡاْ عَنۡهُمۡۖ فَإِن تَرۡضَوۡاْ عَنۡهُمۡ فَإِنَّ ٱللَّهَ لَا يَرۡضَىٰ عَنِ ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡفَٰسِقِينَ} (96)

وقوله : { يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ ْ } أي : ولهم أيضا هذا المقصد الآخر منكم ، غير مجرد الإعراض ، بل يحبون أن ترضوا عنهم ، كأنهم ما فعلوا شيئا .

{ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ ْ } أي : فلا ينبغي لكم -أيها المؤمنون- أن ترضوا عن من لم يرض اللّه عنه ، بل عليكم أن توافقوا ربكم في رضاه وغضبه .

وتأمل كيف قال : { فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ ْ } ولم يقل : " فإن اللّه لا يرضى عنهم " ليدل ذلك على أن باب التوبة مفتوح ، وأنهم مهما تابوا هم أو غيرهم ، فإن اللّه

يتوب عليهم ، ويرضى عنهم .

وأما ما داموا فاسقين ، فإن اللّه لا يرضى عليهم ، لوجود المانع من رضاه ، وهو خروجهم عن ما رضيه اللّه لهم من الإيمان والطاعة ، إلى ما يغضبه من الشرك ، والنفاق ، والمعاصي .

وحاصل ما ذكره اللّه أن المنافقين المتخلفين عن الجهاد من غير عذر ، إذا اعتذروا للمؤمنين ، وزعموا أن لهم أعذارا في تخلفهم ، فإن المنافقين يريدون بذلك أن تعرضوا عنهم ، وترضوا وتقبلوا عذرهم ، فأما قبول العذر منهم والرضا عنهم ، فلا حبا ولا كرامة لهم .

وأما الإعراض عنهم ، فيعرض المؤمنون عنهم ، إعراضهم عن الأمور الردية والرجس ، وفي هذه الآيات ، إثبات الكلام للّه تعالى في قوله : { قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ } وإثبات الأفعال الاختيارية للّه ، الواقعة بمشيئته [ تعالى ] وقدرته في هذا ، وفي قوله : { وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ } أخبر أنه سيراه بعد وقوعه ، وفيها إثبات الرضا للّه عن المحسنين ، والغضب والسخط على الفاسقين .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{يَحۡلِفُونَ لَكُمۡ لِتَرۡضَوۡاْ عَنۡهُمۡۖ فَإِن تَرۡضَوۡاْ عَنۡهُمۡ فَإِنَّ ٱللَّهَ لَا يَرۡضَىٰ عَنِ ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡفَٰسِقِينَ} (96)

القول في تأويل قوله تعالى : { يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْاْ عَنْهُمْ فَإِن تَرْضَوْاْ عَنْهُمْ فَإِنّ اللّهَ لاَ يَرْضَىَ عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ } .

يقول تعالى ذكره : يَحْلِفُ لَكُمْ أيها المؤمنون بالله هؤلاء المنافقون اعتذارا بالباطل والكذب لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فإنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فإنّ اللّهَ لا يَرْضَى عَنِ القَوْمِ الفاسِقِينَ يقول : فإن أنتم أيها المؤمنون رضيتم عنهم وقبلتم معذرتهم ، إذا كنتم لا تعلمون صدقهم من كذبهم ، فإن رضاكم عنهم غير نافعهم عند الله لأن الله يعلم من سرائر أمرهم ما لا تعلمون ، ومن خفيّ اعتقادهم ما تجهلون ، وأنهم على الكفر بالله ، يعني أنهم الخارجون من الإيمان إلى الكفر بالله ومن الطاعة إلى المعصية .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{يَحۡلِفُونَ لَكُمۡ لِتَرۡضَوۡاْ عَنۡهُمۡۖ فَإِن تَرۡضَوۡاْ عَنۡهُمۡ فَإِنَّ ٱللَّهَ لَا يَرۡضَىٰ عَنِ ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡفَٰسِقِينَ} (96)

{ يحلفون لكم لترضوا عنهم } بحلفهم فتستديموا عليهم ما كنتم تفعلون بهم . { فإن ترضوا عنهم فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين } أي فإن رضاكم لا يستلزم رضا الله ورضاكم وحدكم لا ينفعهم إذا كانوا في سخط الله وبصدد عقابه ، وإن أمكنهم أن يلبسوا عليكم لا يمكنهم أن يلبسوا على الله فلا يهتك سترهم ولا ينزل الهوان بهم ، والمقصود من الآية النهي عن الرضا عنهم والاغترار بمعاذيرهم بعد الأمر بالإعراض وعدم الالتفات نحوهم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{يَحۡلِفُونَ لَكُمۡ لِتَرۡضَوۡاْ عَنۡهُمۡۖ فَإِن تَرۡضَوۡاْ عَنۡهُمۡ فَإِنَّ ٱللَّهَ لَا يَرۡضَىٰ عَنِ ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡفَٰسِقِينَ} (96)

وقوله { يحلفون لكم لترضوا عنهم } ، هذه الآية والتي قبلها مخاطبة للمؤمنين مع الرسول ، والمعنى يحلفون لكم مبطلين ومقصدهم أن ترضوا لا أنهم يفعلون ذلك لوجه الله ولا للبر ، ولقوله { فإن ترضوا } إلى آخر الآية ، شرط يتضمن النهي عن الرضى عنهم ، وحكم هذه الآية يستمر في كل مغموص عليه ببدعة ونحوها ، فإن المؤمن ينبغي أن يبغضه ولا يرضى عنه لسبب من أسباب الدنيا{[5840]} .


[5840]:- في الآية الأولى: {سيحلفون بالله لكم} الخ*** ذكر الله تعالى حلفهم لأجل الإعراض، ولهذا جاء الأمر بالإعراض نصا {فأعرضوا عنهم} لأن الإعراض من الأمور التي تظهر للناس، وفي الآية الثانية {يحلفون لكم لترضوا عنهم} ذكر سبحانه الحلف لأجل الرضى فأبرز النهي عن الرضى في صورة شرطية لأن الرضى من الأمور القلبية التي تخفى، وخرّج مخرج المتردد فيه وجٌعل جوابه انتفاء رضى الله عنهم فصار رضى المؤمنين عنهم أبعد شيئا في الوقوع، لأنه معلوم منهم أنهم لا يرضون عمّن لا يرضى الله عنهم.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{يَحۡلِفُونَ لَكُمۡ لِتَرۡضَوۡاْ عَنۡهُمۡۖ فَإِن تَرۡضَوۡاْ عَنۡهُمۡ فَإِنَّ ٱللَّهَ لَا يَرۡضَىٰ عَنِ ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡفَٰسِقِينَ} (96)

هذه الجملة بدل اشتمال من جملة : { سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم } [ التوبة : 95 ] لأنهم إذا حلفوا لأجل أن يعرض عنهم المسلمون فلا يلوموهم ، فإن ذلك يتضمن طلبهم رضى المسلمين .

وقد فرّع الله على ذلك أنه إن رضي المسلمون عنهم وأعرضوا عن لومهم فإن الله لا يرضى عن المنافقين . وهذا تحذير للمسلمين من الرضى عن المنافقين بطريق الكناية إذ قد علم المسلمون أن ما لا يُرضي الله لا يكون للمسلمين أن يرضوا به .

والقوم الفاسقون هم هؤلاء المنافقون . والعدول عن الإتيان بضمير ( هم ) إلى التعبير بصفتهم للدلالة على ذمهم وتعليل عدم الرضى عنهم ، فالكلام مشتمل على خبر وعلى دليله فأفاد مفاد كلامين لأنه ينحلّ إلى : فإن ترضوا عنهم فإن الله لا يرضى عنهم لأن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين .