{ 103-106 ْ } { قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا * أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا * ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا ْ }
أي : قل يا محمد ، للناس -على وجه التحذير والإنذار- : هل أخبركم بأخسر الناس أعمالا على الإطلاق ؟
أى : قل - أيها الرسول الكريم لهؤلاء الكافرين الذين أعجبتهم أعمالهم وتصرفاتهم الباطلة .
قل لهم : ألا تريدون أن أخبركم خبرا هاما ، كله الصدق والحق ، وأعرفكم عن طريقه من هم الأخسرون أعمالا فى الدنيا والآخرة ؟
وجاء هذا الإِخبار فى صورة الاستفهام لزيادة التهكم بهم ، وللفت أنظارهم إلى ما سيلقى عليهم .
والأخسرون : جمع أخسر ، صيغة تفضيل من الخسران ، وأصله نقص مال التاجر .
والمراد به هنا : خسران أعمالهم وضياعها بسبب إصرارهم على كفرهم .
وجمع الأعمال ، للإِشعار بتنوعها ، وشمول الخسران لجميع أنواعها .
وقوله - سبحانه - { الذين ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الحياة الدنيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً } .
جواب عن السؤال الذى اشتملت عليه الآية السابقة وهى : { قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم . . } .
قال البخاري : حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن عَمْرو ، عن مُصْعَب قال : سألت أبي - يعني سعد بن أبي وقاص - : { قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأخْسَرِينَ أَعْمَالا } أهم الحَرُورية ؟ قال : لا هم اليهود والنصارى ، أما اليهود فكذبوا محمدًا صلى الله عليه وسلم ، وأما النصارى كفروا بالجنة ، وقالوا : لا طعام فيها ولا شراب . والحرورية الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه . وكان سعد رضي الله عنه ، يسميهم الفاسقين{[18554]} .
وقال علي بن أبي طالب{[18555]} والضحاك ، وغير واحد : هم الحرورية .
ومعنى هذا عن علي ، رضي الله عنه : أن هذه الآية الكريمة تشمل الحرورية كما تشمل اليهود والنصارى وغيرهم ، لا أنها نزلت في هؤلاء على الخصوص ولا هؤلاء{[18556]} بل هي أعم من هذا ؛ فإن هذه الآية مكية قبل خطاب اليهود والنصارى وقبل{[18557]} وجود الخوارج بالكلية ، وإنما هي عامة في كل من عبد الله على غير طريقة مرضية يحسب أنه مصيب فيها ، وأن عمله مقبول ، وهو مخطئ ، وعمله مردود ، كما قال تعالى : { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً } [ الغاشية : 2 - 4 ] وقوله{[18558]} تعالى : { وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا } [ الفرقان : 23 ] وقال تعالى : { وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا } [ النور : 39 ] .
ثم قال تعالى : { هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً } الآية المعنى : قل لهؤلاء الكفرة على جهة التوبيخ : هل نخبركم بالذين خسروا عملهم وضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم مع ذلك يظنون أنهم يحسنون فيما يصنعونه فإذا طلبوا ذلك ، فقل لهم : { أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه } ، وقرأ ابن وثاب «قل سننبئكم » ، وهذه صفة المخاطبين من كفار العرب المكذبين ، بالبعث .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.