{ أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا } أى أو يهلكهن ويغرقهن بسبب ما اكتسبه الراكبون فى هذه السفن من ذنوب وخطايا .
يقال : أوبق فلان فلانا إذا حبسه أو أهلكه . ووبق فلان - كوعد ووجل ، وبوقا إذا هلك .
وهو معطوف على قوله " يسكن " وكذلك قوله " ويعفو " .
أى : إن يشأ - سبحانه - يسكن الريح فتظل السفن ساكنة على ظهر البحر ، أو إن يشأ يرسل الريح عاصفة بتلك السفن بمن فيها ، أو إن يشأ ينج ناسا بالعفو عنهم .
قال صاحب الكشاف : " يوبقهن " يهلكهن . والمعنى : أنه إن يشأ يبتلى المسافرون فى البحر بإحدى بليتين : إما أن يسكن الريح فيركد الجوارى على ظهر البحر ، ويمنعهن من الجرى ، وإما أن يرسل الريح عاصفة فيهلكن إراقا بسبب ما كسبوا من الذنوب { وَيَعْفُ عَن كَثِيرٍ } منها .
فإن قلت : علام عطف " يوبقهن " قلت : على " يسكن " لأن المعنى : إن يشأ يسكن الريح فيركدن ، أو يعصفها فيغرقن بعصفها .
فإن قلت : فما معنى إدخال فى حكم الإِيباق حيث جزم جزمه ؟ قلت : معناه : أو إن يشأ يهلك ناسا وينج ناسا على طريق العفو عنهم .
وقوله : { أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا } أي : ولو شاء لأهلك السفن وغرقها بذنوب أهلها الذين هم راكبون عليها{[25908]} { وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ } أي : من ذنوبهم . ولو أخذهم بجميع ذنوبهم لأهلك كل من ركب البحر{[25909]} .
وقال بعض علماء التفسير : معنى قوله : { أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا } أي : لو شاء لأرسل الريح قوية عاتية ، فأخذت السفن وأحالتها {[25910]} عن سيرها المستقيم ، فصرفتها ذات اليمين أو ذات الشمال ، آبقة لا تسير على طريق ، ولا إلى جهة مقصد .
وهذا القول هو يتضمن هلاكها ، وهو مناسب للأول{[25911]} ، وهو أنه تعالى لو شاء لسكن الريح فوقفت ، أو لقواه فشردت وأبقت وهلكت . ولكن من لطفه{[25912]} ورحمته أنه يرسله بحسب الحاجة ، كما يرسل المطر بقدر الكفاية ، ولو أنزله كثيرا جدا لهدم البنيان ، أو قليلا لما أنبت الزرع {[25913]} والثمار ، حتى إنه يرسل إلى مثل بلاد مصر سيحا من أرض أخرى غيرها{[25914]} ؛ لأنهم لا يحتاجون إلى مطر ، ولو أنزل عليهم لهدم بنيانهم ، وأسقط جدرانهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.