المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{لَّا تَسۡمَعُ فِيهَا لَٰغِيَةٗ} (11)

11 - لا تسمع فيها كلمات لا معنى لها ولا فائدة منها ،

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{لَّا تَسۡمَعُ فِيهَا لَٰغِيَةٗ} (11)

{ لَا تَسْمَعُ فِيهَا } أي : الجنة { لَاغِيَةً } أي : كلمة لغو وباطل ، فضلًا عن الكلام المحرم ، بل كلامهم كلام حسن [ نافع ] مشتمل على ذكر الله تعالى ، وذكر نعمه المتواترة عليهم ، و[ على ] الآداب المستحسنة{[1417]}  بين المتعاشرين ، الذي يسر القلوب ، ويشرح الصدور .


[1417]:- في ب: الحسنة
 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{لَّا تَسۡمَعُ فِيهَا لَٰغِيَةٗ} (11)

ثم وصف - سبحانه - هذه الجنة بجملة من الصفات الكريمة فقال : { لاَّ تَسْمَعُ فِيهَا لاَغِيَةً } أى : لا تسمع فى هذه الجنة كلمة ذات لغو . واللغو : هو الكلام الساقط الذى لا فائدة فيه . أى : إنك - أيها المخاطب - لا تسمع فى الجنة إلا الكلام الذى تسر له نفسك ، وتقرُّ به عينك ، فلفظ اللاغية هنا : مصدر بمعنى اللغو ، مثل الكاذبة للكذب ، وهو صفة لموصوف محذوف .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{لَّا تَسۡمَعُ فِيهَا لَٰغِيَةٗ} (11)

( لا تسمع فيها لاغية ) . . ويطلق هذا التعبير جوا من السكون والهدوء والسلام والاطمئنان والود والرضى والنجاء والسمر بين الأحباء والأوداء ، والتنزه والارتفاع عن كل كلمة لاغية ، لا خير فيها ولا عافية . . وهذه وحدها نعيم . وهذه وحدها سعادة . سعادة تتبين حين يستحضر الحس هذه الحياة الدنيا ، وما فيها من لغو وجدل وصراع وزحام ولجاج وخصام وقرقعة وفرقعة . وضجة وصخب ، وهرج ومرج . ثم يستسلم بعد ذلك لتصور الهدوء الآمن والسلام الساكن والود الرضي والظل الندي في العبارة الموحية : ( لا تسمع فيها لاغية )وألفاظها ذاتها تنسم الروح والندى وتنزلق في نعومة ويسر ، وفي إيقاع موسيقي ندي رخي ! وتوحي هذه اللمسة بأن حياة المؤمنين في الأرض وهم ينأون عن الجدل واللغو ، هي طرف من حياة الجنة ، يتهيأون بها لذلك النعيم الكريم .

وهكذا يقدم الله من صفة الجنة هذا المعنى الرفيع الكريم الوضيء . ثم تجيء المناعم التي تشبع الحس والحواس . تجيء في الصورة التي يملك البشر تصورها . وهي في الجنة مكيفة وفق ما ترتقي إليه نفوس أهل الجنة . مما لا يعرفه إلا من يذوقه !

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{لَّا تَسۡمَعُ فِيهَا لَٰغِيَةٗ} (11)

وقوله : لا تَسْمَعُ فِيها لاغِيَةً يقول : لا تسمع هذه الوجوه ، المعنى لأهلها ، فيها في الجنة العالية لاغية . يعني باللاغية : كلمة لغو . واللّغو : الباطل ، فقيل للكلمة التي هي لغو لاغية ، كما قيل لصاحب الدرع : دارع ، ولصاحب الفرس : فارس ، ولقائل الشعر شاعر وكما قال الحُطيئة :

أغَرَرْتَنِي وَزَعَمْتَ أنّ *** كَ لابِنٌ بالصّيْفِ تامِرْ

يعني : صاحب لبن ، وصاحب تمر . وزعم بعض الكوفيين أن معنى ذلك : لا تسمع فيها حالفة على الكذب ، ولذلك قيل لاغية ولهذا الذي قاله مذهب ووجه ، لولا أن أهل التأويل من الصحابة والتابعين على خلافه ، وغير جائز لأحد خلافهم فيما كانوا عليه مجمعين . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : لا تَسْمَعُ فِيها لاغِيَةً يقول : لا تسمع أذًى ولا باطلاً .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحرث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : لا تَسْمَعُ فِيها لاغِيَةً قال : شتما .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : لا تَسْمَعُ فِيها لاغِيَةً : لا تسمع فيها باطلاً ، ولا شاتما .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن مَعْمَر ، عن قتادة ، مثله .

واختلفت القرّاء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء الكوفة وبعض قرّاء المدينة وهو أبو جعفر لا تسْمَعُ بفتح التاء ، بمعنى : لا تسمع الوجوهُ . وقرأ ذلك ابن كثير ونافع وأبو عمرو : «لا تُسْمَعُ » بضم التاء ، بمعنى ما لم يسمّ فاعله ، ويؤنّث تسمع ، لتأنيث لاغية . وقرأ ابن محيصن بالضم أيضا ، غير أنه كان يقرؤها بالياء ، على وجه التذكير .

والصواب من القول في ذلك عندي ، أن كلّ ذلك قراءات معروفات صحيحات المعاني ، فبأيّ ذلك قرأ القارىء فمصيب .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{لَّا تَسۡمَعُ فِيهَا لَٰغِيَةٗ} (11)

اللاغية : مصدر بمعنى اللّغو مثل الكاذبة للكذب . والخائنة والعافية ، أي لا يسمع فيها لغو ، أو هو وصف لموصوف مقدر التأنيث ، أي كلمة لاغية لما دل عليه { لاغيةٌ } من أنها كلمات ، ووصف الكلمة بذلك مجاز عقلي لأن اللاغي صاحبها .

ونفي سماع { لاغيةٌ } مكنى به عن انتفاء اللغو في الجنة من باب :

ولا ترى الضب بها ينْجَحِر

أي لا ضَبّ بها إذ الضب لا يخلو من الإِنجِحَار .

واللغو : الكلام الذي لا فائدة له ، وهذا تنبيه على أن الجنة دار جد وحقيقة فلا كلام فيها إلا لفائدة لأن النفوس فيها تخلصت من النقائص كلها فلا يلذّ لها إلا الحقائق والسمو العقلي والخُلُقي ، ولا ينطقون إلا ما يزيد النفوس تزكية .

وجملة : { لا تسمع فيها لاغية } صفة ثانية ل { جنة } [ الغاشية : 10 ] تُرك عطفها على الصفة التي قبلها لأن النعوت المتعددة يجوز أن تعطف ويجوز أن تفصل دون عطف قال في « التسهيل » : « ويجوز عطف بعض النعوت على بعض وقال المرادي في « شرحه » نحو قوله تعالى : { الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى والذي أخرج المرعى } [ الأعلى : 2 4 ] . وقال : ولا يعطف إلا بالواو ما لم يكن ترتيب : فبالفاء كقوله :

يا لهفَ زَيَّابَةَ للحارب ال *** صابِح فالغانم فالآيب

قال السهيلي : والعطف ب ( ثم ) جوازه بعيد . اه . قال الدماميني : وكذا في الجمل نحو مررت برجل يحفظ القرآن ويعرف الفقه ويتقي إلى الله ، قال : ونص الواحدي في قوله تعالى : { لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالاً ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم } [ آل عمران : 118 ] . أن لا يألونكم وما بعده من الجمل ( أي الثلاث ) لا يكون صفات ، لعدم العاطف لكن ظاهر سكوت الجمهور عن وجوب العطف يشعر بجوازه فيها ( أي الجمل ) كالمفردات اه .

ابتدىء في تعداد صفات الجنة بصفتها الذاتية وهو كونها عالية ، وثُني بصفة تنزيهها عمّا يعدّ من نقائص مجامع الناس ومساكن الجماعات وهو الغوغاء واللغو ، وقد جردت هذه الجملة من أن تعطف على { عالية } [ الغاشية : 10 ] مراعاة لعدم التناسب بين المفردات والجمل وذلك حقيق بعدم العطف لأنه أشد من كمال الانقطاع في عطف الجمل .

وهذا وصف للجنة بحسن سكانها .

وقرأ نافع { لا تسُمع } بمثناة فوقية مضمومة و { لاغيةُ } نائب فاعل ، وقرأه ابن كثير وأبو عمرو ورويس عن يعقوب بمثناة تحتية مضمومة وبرفع { لاغيةٌ } أيضاً فأُجري الفعل على التذكير لأن { لاغيةٌ } ليس حقيقي التأنيث وحسَّنه وقوع الفصل بين الفعل وبين المسند إليه ، وقرأه ابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي وأبو جعفر وروْح عن يعقوب بفتح المثناة الفوقية وبنصب { لاغيةٌ } ، والتاء لخطاب غير المعين .